كثُرَ الحديث في الفترة الأخيرة عن أن الحرب ضد الإرهاب. وإن كانت تستلزم العمل الأمني الفاعل والناجز. لكن ذلك وحده غير كاف. وإنما تحتاج إضافة له. جهداً مكثفاً في مجال الوعي والفكر والإدراك. وهي حقيقة مؤكدة أثبتتها التجربة. وأبانت عنها تجارب الشعوب التي واجهت في الماضي محنة الإرهاب وانتصرت عليها.
هذا المنظور إنما كان الدافع من وراء عكوف المناضل والقائد السياسي. المهندس "محمد شمس عبدالشافي" القيادي بالحزب الاشتراكي المصري. أشهراً طويلة. يعمل بحماس وصبر ودأب علي دراسة التاريخ الاجتماعي. والسياسي. والفكري. والتنظيمي. والاقتصادي. لجماعة "الإخوان" الإرهابية. منقباً بين ثنايا عشرات الكتب والمراجع والمصادر. لكي يقدم لنا واحداً من أهم الدراسات التي صدرت في الأعوام الأخيرة. والتي تناولت تاريخ وأدوار ووظائف جماعة "الإخوان" الإرهابية. التي خرج من تحت عباءتها كل فرق التكفير. وجماعات الترويع والتكفير والتخريب. في بلدنا. ومنطقتنا. والعالم كله: كتاب "الإخوان والفاشية" الصادر مؤخراً عن إدار "جزيرة الورد" الذي يساعدنا علي الإدراك الصحيح. والتقدم خطوة للأمام في فهم طبيعة عدونا. إذ لا يكفي أن نلعن الإرهاب. وإنما الأهم أن نفهمه. وأن نستوعب أنماط سلوكه. وأن نخطط علي هذا الأساس للمواجهة الظافرة في مواجهته. وقديماً قال "صن تزو" المفكر الاستراتيجي الصيني الأشهر: "اعرف عدوك تكسب نصف المعركة مقدماً"!.
***
وقد مهَّد الكاتب لبحثه بقسم خاص. عرض فيه الخلافات الفكرية التي تدور حول اعتبار جماعة "الإخوان" تنظيماً فاشياً من عدمه. طارحاً رؤيته حول سمات ومضامين الأيدولوجية الفاشية ــ النازية. وصفات ومظاهر النظم الشمولية "التوتاليتارية". المكوَّنة وفقاً لهذه الأيديولوجية. كما عرَّفتها المجتمعات البشرية في العقود الماضية. في إيطاليا وألمانيا وإسبانيا. وما قادت إليه من انقسامات اجتماعية وسياسية دامية. وصراعات أهلية طاحنة. وحروب عالمية مهلكة. مقدماً إسهاماً ذكياً لفهم طبيعة النظم "الفاشية" في الأطراف الرأسمالية "التابعة". حيث يري أن القفز إلي الاستنتاج بأن جماعة "الإخوان المسلمين". كانت بصدد إقامة نظام فاشي أجهضته ثورة 30 يونيه. يكون استنتاجاً غير دقيق. ما لم نوضح أن قيام نظام فاشي مكتمل الأركان. في دولة تابعة مثل مصر هو أمر غير ممكن. كون الفاشية ــ بوجهها المثالي ــ غير ممكنة. إلا في الأنظمة الرأسمالية المتطورة.
ولكن لدينا رأسماليتنا التابعة الرثة. فاشية رثة عاجزة عن التصنيع. وعن مركزيه اقتصادها الوطني. لكنها كانت قادرة علي إدارة الفقر. وتنظيم تهميش الجماهير السياسي. وتشكيل الحاضنة الاجتماعية للإرهاب بشقيه المعنوي والفعلي. خدمة للاحتكارات الإمبريالية.