عباس الطرابيلى
هموم مصرية -وبدأ موسم.. جنى البدلات!
يمكن أن أوافق على تعدد سفريات رئيس الجمهورية إلى الخارج، بحكم أنه رأس الدولة، ويريد أن يؤكد من خلال هذه السفريات أن مصر أصبحت دولة مستقرة.. والأمن فيها مستتب.. ولهذا يزور دولاً - فى الشرق والغرب - سعيا وراء جذب الاستثمارات الخارجية لتنشيط العمل الاقتصادى فى البلاد المصرية.. ولكننى أعترض على سفريات رئيس البرلمان للخارج.
إذ ما كاد البرلمان يوافق على القوانين بقرارات التى صدرت فى غيبته.. نجد أن رئيس البرلمان قد جمع وفدًا كبيرًا وطار إلى سويسرا.. وكنت أتمنى أن يقضى رئيس البرلمان أيامه الحالية، ليس فقط فى الاستعداد لخطاب رئيس الحكومة وتحديد مطالب نواب الأمة من هذه الحكومة، ولكن لبدء الانطلاق نحو تحقيق مطالب الثوار وأحلامهم.. وما أكثرها.
<< كنت أتمنى أن يعقد رئيس البرلمان جلسة خاصة لوضع استراتيجية تحرك البرلمان فى المرحلة القادمة.. ليلزم بها الحكومة ردًا على بيان رئيسها المرتقب كنت أحلم أن يركز البرلمان الجديد جهده لتحديد خطة عمله.. وكيف يواجه أخطر القضايا التى تعترض انطلاق الوطن.. وبالذات قضايا الفساد الإدارى والمالى.. بل والقانونى.. وأن يحدد لنا - وللحكومة قبلنا - كيف يتصدى - وهو أحد أضلاع السلطة فى مصر - للمشاكل المالية وتوالى انهيار العملة الوطنية.. وتوالى العجز المالى الرهيب ولجوء الدولة إلى الاقتراض داخليًا وخارجيًا.. مع استمرار تزايد عجز الميزان التجارى الذى يتجاوز الآن رقم 50 مليار دولار.
<< وإذا لم يكن فى البرلمان من يفهم جيدًا فى الأمور الاقتصادية.. فإننى اتصور أن النواب يعرفون تمامًا العقبات الأساسية التى تتحدى محاولات الوطن نحو التقدم.. وفى مقدمتها التعليم الذى انهارت منظومته بالكامل.. والصحة التى جعلت المواطن يلجأ للعلاج الخاص ولا يقترب من المستشفيات الحكومية.. ولا مشاكل التهرب الضريبى التى جعلت من الصغار كبارًا لأنهم لا يدفعون ما عليهم من الضرائب.. أو أن يخصص البرلمان لجنة فورية لبحث مشاكل واحد من أهم قطاعات الدولة - وهو السكك الحديدية - التى اسقطت العديد من الوزراء.. وجعلت الوزير الحالى يتحدث عن حاجته إلى 90 مليار جنيه لإنقاذ هذا القطاع الحيوى.. ثم قضايا الحد الأدنى للأجور الذى يحلم به بسطاء العاملين.. ويتصدى له كبار مافيا المنتفعين.
<< نعم.. مجلس النواب، مجلس تشريعى.. ولكن هل نسينا أنه أيضا أحد أضلاع المثلث الحاكم فى البلاد.. وأن دوره الرقابى على أعمال الحكومة لا يمنعه أن يقول كلمة من أجل الإصلاح.
وكنت أتصور - قبل أن يسافر رئيس البرلمان إلى سويسرا مثلا - أن يخصص جلسات عديدة لمناقشة أسباب عجزنا حتى الآن عن مواجهة مشكلة الدولار.. أمام العملة الوطنية.. وأن يقدم للحكومة خلاصة أبحاثه ودراساته لحل كل هذه المشاكل وغيرها.. بدلاً من أن يختلف النواب عمن يسافر - ضمن وفود المجلس إلى هذه الدولة أو تلك.
<< بل كنت أتصور أن تبدأ سفريات رئيس البرلمان وأعضائه إلى الدول التى كانت تعانى مثلنا.. ليعرف كيف عالجت هذه الدول كل هذه المشاكل.. وبالذات تجارب نمور آسيا: سنغافورة وتايوان.. وأندونيسيا وبنجلاديش.. وهونج كونج.. ولا نقول الصين، إذ ربما تكون الصين أكبر من أن تغطيها سفرية واحدة أو أكثر.. أو على الأقل كنت أتصور أن يبدأ رئيس البرلمان «برنامج» سفرياته إلى الدول العربية، التى حققت المعجزات فى كل المجالات مثل دولة الإمارات وكيف نجحت أبوظبى ودبى وباقى الشقيقات العربيات فى تحقيق المعجزة التى نسمع عنها.. ويعود رئيس البرلمان - وباقى النواب - ليدلونا على أفضل السبل لإنقاذ بلادنا.. حتى نقول لشعبنا الذى ثار «لم تذهب ثوراتك سدى.. يا شعب مصر».
<< أم يا ترى تبدأ هذه السفريات إلى قلب أوروبا: سويسرا حيث الفرنك السويسرى - أقوى عملات أوروبا - وحيث مناطق التسوق الكبرى فى أوروبا.. أم أرادوها لينعموا ولو لعدة أيام بسحر بحيرة ليمان؟ أقول لكم.. هناك سبب آخر..إنه أيضا بدلات السفر وربما يكون بالدولار.. وإن كان كلهم يفضلون صرف هذه البدلات بالفرنك السويسرى، حتى لا يخسروا فرق سعر تحويل الدولار.. إلى فرنكات.
أليس ما أقوله صحيحًا.. طيب أجلوا السفريات ولو لشهر أو شهرين ليرى الشعب عملكم الحقيقى فى حمل جزء من أعباء سلطة الإصلاح فى مصر.. أم لكم أهداف أخرى؟!