الوطن
محمد صلاح البدرى
من قتل «إسلام»؟!
إسلام رمضان، ربما لم تسمع بهذا الاسم من قبل، وربما تقطب حاجبيك محاولاً تذكر أنك عرفت صديقاً قديماً فى المرحلة الثانوية بهذا الاسم، ولم لا؟ فالاسم شائع الاستخدام كثيراً، ثم تكتشف أنه ليس هو، فالآخر كان «إسلام» مختلفاً! ثم لا تلبث أن تهز رأسك نافياً لنفسك أنك تعرفه ومتسائلاً عمن هو؟

الاسم لا يشكل مشكلة، فالأسماء خُلقت للتعريف، وإسلام رمضان كان غنياً عن التعريف دوماً! إنه ذلك الطالب المتفوق الذى حصل على مجموع كبير فى الثانوية العامة ليحقق حلم أسرته الكريمة متوسطة الحال، والتحق بكلية الطب ليتم حلمه أن يصير طبيباً يخفف آلام المرضى، لقد أمضى سنواته فى الكلية يستذكر ويحلم أن يصير كهؤلاء الذين يراهم من حوله، ثم تخرج ليدرك أنه قد انتمى إلى وزارة مهلهلة، وأن الحلم لن يتحقق بسهولة، فقرر أن يسلك طريقاً آخر! لقد حصل بعد تخرجه على العديد من الدورات التدريبية تؤهله للعمل الإدارى، وأضاف إليها موهبته الإدارية التى برزت مبكراً، فتدرج فى المناصب حتى وصل إلى أن يصبح أصغر من حصل على منصب مدير للصحة بإحدى المحافظات الساحلية وهو لم يتم الثلاثين من عمره بعد! ربما كان توليه هذا المنصب هو الحسنة الوحيدة لوزير الصحة السابق، الذى قرر أن يخوض به تجربة الاعتماد على الشباب فى المناصب الإدارية! لقد أبلى بلاء حسناً لا شك فيه، الذى شهد له العديد من القيادات بالمحافظة، حتى مع الفترة القصيرة التى تولاها، ولكن لأن الرياح تأتى دوماً بما لا نشتهى، فقد رحل وزير وأتى آخر، ولأن دولتنا تدار بالأهواء، فلك أن تتوقع ما حدث!

لقد قرر سيادة الوزير الجديد الإطاحة به من منصبه دون أن يقابله من الأساس، بل قرر منعه من دخول الوزارة باعتباره أحد ذيول الوزير السابق! ودون أن يحاول النظر إلى التجربة وتقييمها! بل وأصر على التنكيل به حتى إنه أمر بنقله للعمل كطبيب تكليف بإحدى محافظات الصعيد! إلى هنا والأمر قد لا يثير انتباهك كثيراً، فإسلام وغيره كانوا وسيظلون عرضة «لمزاج» السيد المسئول، ومصر هى الدولة التى يمكنك أن تجد فيها مديراً للصحة يتم نقله كطبيب تكليف بين عشية وضحاها، ودون حتى أن يرتكب خطأ يذكر! المأساة أن الظلم -الذى تعودنا عليه- لم يحتمله ذلك الطبيب الشاب، فقد اكتأب بعض الوقت ثم قبّل طفلته الصغيرة التى لم تكمل العامين، ونام، ولم يستيقظ ثانية!

نعم، أنت لم تخطئ الفهم، لقد مات إسلام كمداً وقهراً كما يقولون، لم يحتمل كل هذا الظلم من وزير رفض حتى أن يقابله، لم يحتمل أن ينهار مستقبله الذى كان يحلم به لنفسه ولعمله الذى برع فيه بهذه الصورة، وبرغبة وزير قرر أنه لا يصلح لمنصبه! ربما كان الظلم عادة فى بلادنا، ولكن يبدو أن البعض ما زال لا يملك مناعة ضده، كما يبدو أن إسلام لن يكون آخر ضحاياه إذا استمر الحال على ما هو عليه! لقد مات إسلام وترك تجربة لم تكتمل لتمكين الشباب، الأمر الذى يوصى به سيادة الرئيس فى كل مناسبة، مات وترك وراءه زوجة شابة وطفلة صغيرة ستعرف حين تكبر أن أباها لم يحتمل القهر من وزير قرر بقناعات مسبقة أنه لا يصلح، فتركها وحيدة! ربما لا يتحمل السيد الوزير وحده ذنب إسلام، وإنما يشاركه فيه كل التخبط والفوضى والقرارات الهوائية التى تملأ مصالحنا الحكومية كافة، ووزارة الصحة خاصة والتى ستقتل إسلام آخر بكل تأكيد فى مكان آخر، دون حتى أن تحمل سلاحاً! لقد مات إسلام وهو يسعى فى أروقة الوزارة لرفع الظلم الذى تعرض له، مات وهو يلعن اليوم الذى برع فيه فى عمله، ويتمنى لو لم يصل إلى ما كان فيه، فالأحلام الضائعة قد تظل محتملة، فقط إذا لم تتحقق!

يرحمنا ويرحمك الله يا إسلام!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف