الغلاء عليكم حق، لم يشأ المصريون يفكرون فى تخفيف أحزمة البطن، حتى طالبتهم الحكومة بشدها من جديد لمواجهة مطبات موجة غلاء عاتية قادمة مع الرياح الموسمية، والمعروفة بـ«زعابيب أمشير». الدكتور شريف إسماعيل رئيس الوزراء المكلف بإلقاء برنامج الحكومة أمام مجلس النواب طلبًا للثقة بدد فرحة الشعب الذى تفاءل بخطاب الرئيس السيسى فى جلسة افتتاح دور الانعقاد البرلمانى وجاء فيه كما قال الرئيس لا زال أمامنا الكثير لنقدمه للبسطاء من أبناء أمتنا الذين عانوا على مدار عقود من الإهمال والتجاهل والتهميش.
الرئيس مهموم بأحوال الغالبية العظمى من الشعب الذى يكملون عشاءهم نومًا إذا وجدوا الغداء والإفطار وبعد 48 ساعة بدد شريف إسماعيل حلم الفقراء الذين كانوا يتأهبون للتخلى عن حزام البطن عندما قال إنه سيتخذ إجراءات بعضها مؤلم، وقرارات اقتصادية صعبة، وأن تأجيلها ترف.
والمصريون ليس لديهم مانع أن ترفع الحكومة أسعار أى شىء من السلع التى يقال عنها إنها ترفيهية إلا لقمة العيش،وفواتير الكهرباء والماء والبنزين، إذا كانت الحكومة تقول إنها لا تملك ترف الوقت الذى تضيعه فى عدم تحريك أسعار بعض الخدمات عن طريق رفع الدعم، فإن المصرى ليس عنده ترف التنازل عن رغيف العيش، وكيس السكر والأرز، وزجاجة الزيت.
المصريون الذين يشدون الأحزمة قاموا بثورتين شعارهما «العيش» والمقصود به توفير حياة كريمة لأسرة لديها أبناء فى مراحل التعليم المختلفة، وبعضهم تخرج ولا يجد عملا، ويعيش عالة على والديه، وهذه الأسرة تقيم فى شقة إيجار، وتدفع فواتير كهرباء وماء وبوتاجاز وغاز، وتريد أن تأكل 3 طقات فى اليوم، نفسها فى حتة لحمة، أو فرخة، وحبات من ثمار فاكهة الموسم، وقد يزور بعض أو أحد أفراد الأسرة الطبيب عندما يصاب من تلبك معوى وإسهال من الأكل الملوث الذى ملأ محلات السوبر ماركت، وإذا أضيف لحم الحمير على قرمة الجزار يبقى عليه العوض، بالمناسبة الحكومة مازالت تفكر فى اعداد مشروع قانون لضمان سلامة الغذاء، ولا نعرف سببًا فى عدم تقديمها هذا المشروع للبرلمان لوقف الغش الغذائي، بعد أن أصبح المصريون، يأكلون الزبالة، هل المستوردون والمنتجون المحليون يضغطون على الحكومة لإغراق الأسواق بالسلع الفاسدة، أم أن الحكومة مش هاممها سلامة الشعب، نعود للأسعار كم تحتاج أسرة مصرية من الدخل لتعيش على حد الكفاف، لقد ارتفعت أسعار المرافق والمواصلات عدة مرات، وتسببت التقديرات الجزافية لاستهلاك الكهرباء والماء فى إرهاق ميزانيات الأسر محدودة الدخل، وأصبحت الأسرة التى تسكن فى شقة لا تزيد مساحتها على مائة متر فى منطقة شعبية تدفع ما لا يقل عن خمسمائة جنيه شهريًا مقابل الكهرباء والغاز والماء بسبب التقديرات الجزافية، ولا تقول الحكومة إن هذه الأسرة تسرف فى استهلاك المرافق، لأن الشركات توقفت عن قراءة رقم الاستهلاك الفعلى، ولجأت إلى حسابات أخرى ظالمة ويجبر المواطن على الدفع، فكم تحتاج هذه الأسرة لتأكل، وتدفع مصاريف المدارس وأجرة المدرس الخصوصى، وثمن كشف الطبيب، وأجرة المواصلات، وكم تحتاج للملبس والمأكل، هل سألت الحكومة الموظف الذى يحصل على الحد الأدنى من المرتبات من أين يدبر باقى احتياجاته التى تجاوز ضعفى هذا المبلغ!! هل نقول إن ثبات المرتبات، وارتفاع الأسعار وراء لجوء بعض الموظفين إلى رفع شعار «فتح مخك» وإذا كنا لا نريد أن يتربح الموظف من وراء وظيفته فهل نطالب بأن يحصل على أجر عادل يضمن له حياة الكفاف المستورة.
لقد أعلن الرئيس السيسى كثيرًا أن همه الأول وشاغله الأساسى هم الكادحون والبسطاء وأنه وضع قضية الارتفاع بمستواهم المعيشى على رأس أولوياته.
نريد من الحكومة أن تنفذ وعد الرئيس ولا يكون تنفيذها للإجراءات المؤلمة التى وعد بها رئيس الوزراء على حساب المواطن المسكين الذى لا يجد قوت يومه، ابعدوا عن محدود الدخل وعن السلع التى لا يمكن أن يقبل برفع أسعارها حتى لا يكتوى بنارها، ارحموا الضغفاء وحافظوا على كبريائهم لأن الفاقة تذل أعناق الرجال.