الوفد
عباس الطرابيلى
هموم مصرية-أرض للبناء.. بأقل الأسعار
لماذا تكثر حالات التعدي علي أملاك الدولة.. ولماذا يبني الناس بيوتاً ليس لإقامتهم فقط.. ولكنها أبراج عالية يعرضونها للبيع.. وتجد من يشتريها؟!
هل السبب عدم توفر أرض رخيصة للبناء.. أم لعدم قدرة الحكومة علي الحفاظ علي أموالها.. نقصد أملاكها وأراضيها.. أم أن ما حدث في مصر طوال السنوات الست الأخيرة من غياب للسلطة.. وضعف أو خشية أجهزتها من مواجهة هذه الظاهرة الخطيرة. خشية ثورة الناس.. ولذلك زادت عمليات التعدي علي أراضي الدولة وبناء الأبراج عليها حتي وجدنا الدولة- بعد أن استعادت بعض سلطتها- تلجأ إلي العنف بل إلي أسلوب نسف الكثير من هذه الأبراج ليس في العاصمة حيث الأصوات العالية، فقط، بل في عواصم المحافظات.. وأيضا في كثير من المراكز والقري، خصوصاً علي شط النيل، حيث يعشق المصري أن يعيش علي ضفاف هذا النهر العظيم.
<< وبسبب غياب السلطة، طوال هذه السنوات، زادت عمليات التعدي ليس فقط علي أملاك وأراضي الدولة.. ولكن بالبناء علي الأرض الزراعية.. ودون أن نذكر كل المصريين بحجم هذه التعديات.. فقد حفظها الناس عن ظهر قلب.. وهكذا فقدنا مئات الألوف من الأفدنة- بالذات في السنوات الست السابقة- وهو ما نعجز عن تعويضه سواء باستصلاح المزيد من الأراضي الصحراوية، الصالحة للزراعة أو بالدعوة إلي الخروج من الدلتا، والوادي الضيق..
<< والحمد لله أن وجدنا من اتجه للبناء علي الأرض الصحراوية، وبالذات حول اقليم القاهرة الكبري «القاهرة والجيزة وشبرا الخيمة» لأن ذلك حد إلي أبعد مدي من التعدي علي الأرض الزراعية. ومن المؤكد أن البارون امبان البلجيكي الجنسية كان هو الرائد.. عندما حصل من الحكومة المصرية علي امتياز بناء ضاحية مصر الجديدة عام 1905/1906 وذلك في مساحة 5952 فدانا بسعر جنيه واحد للفدان علي بعد 10 كيلومترات عن القاهرة، وتأسست شركة واحات هليوبوليس.. ثم جاءت فكرة مدينة نصر في أواخر خمسينيات القرن الماضي، إلي أن وصلنا إلي الانطلاق نحو طريقي القاهرة- السويس، والقاهرة- الإسماعيلية لنجد مدن الرحاب والشروق ومدينتي فضلاً عن التجمعات الإسكانية والدائري وغيرها.. أي الكومباوندات الشهيرة.. ومن المؤكد أن التوسع في البناء علي هذه المحاور الصحراوية، أنقذ مساحات عديدة من الأراضي الزراعية..
<< ولكن هذه التوسعات كانت لخدمة القطاع الغني من المصريين، والعرب ولم تجد قطاعات أخري من المصريين- أقل ثروة- مكاناً لها في هذه المدن والكومباوندات الغالية.. ولذلك اتجهت إلي العشوائيات لجأ إليها صغار الناس مالياً.. سواء علي التباب المحيطة بالقاهرة.. أو إلي التعدي علي أراضي الدولة.. وهو ما تواجهه الدولة الآن بكثير من الشدة تصل إلي حد نسف الأبراج وهدم العمارات لتسترد الدولة أراضيها..
وهنا لست مع المطالبين بالتصالح مع المعتدين، مقابل سداد غرامات مالية للحكومة، قد تكون الدولة في مسيس الحاجة إليها.. مقابل السماح ببقاء هذه المساكن، دون إزالة. ولكن القضية في نظري أن الدولة لو تصالحت وتسامحت.. فإنها سوف تفقد هيبتها تماماً.. وتتكرر الجريمة مادامت الدولة ستحصل علي الثمن.. وهذا للأسف ما حدث في الإسكندرية عندما وجدنا انتشار ظاهرة بناء الأبراج المخالفة.. ثم تتصالح معهم المحافظة مقابل المال، وهو ما أراه رشوة للسلطة.. تضعف هيبة السلطة..
<< وإذا كانت الدولة قد لجأت إلي توفير مساحات من أراضي البناء للأغنياء.. فإنها مطالبة الآن بتوفير أراض للبسطاء ليقيموا عليها مساكنهم البسيطة.. وتلك قضية عالجها الفنان الكبير عادل إمام في فيلمه اللذيذ «كراكون في الشارع» مع الفنانة يسرا.. ماذا لو أعدت الدولة مساحات متنوعة في صحراء مدينة 6 أكتوبر.. ومدينة العبور، مساحات صغيرة في حدود 100 متر أو 150 مترا ليبني عليها الناس بيوتاً صغيرة. وهذا يذكرنا بما بدأته الحكومة في أوائل خمسينيات القرن الماضي ببناء مساكن عمالية في حلوان وإمبابة والمطرية، مازالت قائمة حتي الآن.
وفروا للناس- البسطاء- مثل هذه الأراضي. وقدموا لهم القروض، بضمان ما يبنون، وما أكثر الأموال المودعة في البنوك.. بلا أي استثمار يذكر.. هل هذا ممكن؟!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف