محمد جبريل
ع البحري- سيناء.. والمستقبل
قبل حرب 1967 سافرت الي سيناء لكتابة تحقيق عن مصنع المنجنيز. كانت خاضعة لسلطة الحاكم العسكري. بحيث لا يتاح زيارتها الا بتصريح.. سرقني الوقت.. في التنقل بين المكاتب. والحصول علي التأشيرات والتوقيعات. حتي وجدتني ـ ذات صباح خريفي ـ في أرض الفيروز.
أول ما لاحظته سعي حقيقي وجاد لجعل سيناء جزءا فعليا من أرض مصر. ليس بالكلمات البليغة. وانما بالمشروعات التي تستهدف الافادة من ثرواتنا البترولية والمعدنية بما يحيل شبه الجزيرة الي قلاع صناعية ضمن مجتمعات عمرانية هائلة. تجتذب اليها الملايين من أبناء الأقاليم المصرية. وتضيف الي قوة مصر الاقتصادية ما يدعم قوتها السياسية. بحيث يستند القرار المصري الي القوة الاقتصادية. الي جانب القوة العسكرية.
أذكر أني سألت المهندس صدقي سليمان رئيس الوزراء الأسبق عن أحلامه لسيناء. قال في نبرة حاسمة: لا أحلام. فقد بدأنا في صياغة الواقع الجديد بالعديد من المؤسسات الاقتصادية والشركات والمصانع التي تمثل شرايين وأوردة تسري بالحياة في آفاق الصحراء. وأشار المهندس صدقي سليمان الي خبر ـ انفردت "المساء" بنشره ـ عن بدء مصر تصدير بترولها في يونيو .1967
تبدلت الأحوال ـ بالطبع ـ عقب النكسة. فككت اسرائيل مصنع المنجنيز الهائل. ونقلته الي الداخل الصهيوني. واستولت علي المنجزات الصناعية الوليدة. وتحول موشي ديان من الحياة العسكرية الي نهب آثار مصر. وبيعها في العالم. وظل الكيان الصهيوني علي استنزافه الضاري لآبار البترول المصرية حتي عادت سيناء الي الوطن الأم عقب انتصار .1973
اذا كان تعمير سيناء قد تأخر طويلا. فان العودة الي النفس. والي أهمية تعمير أرض الفيروز. يبين في الكثير من المشروعات التي أقرأ عن سعيها لتحويل الأرض الي الخضرة والتنمية. ثمة المنجنيز الذي أتمني عودة مصانعه العملاقة. والثروات المعدنية والطبيعية الأخري. ومنها الصخور الكربوناتية والجبس والدولوميت والرمال السوداء والحديد والفحم والرخام والكبريت وكلوريد الصوديوم وغيرها. بالاضافة الي المشروعات الزراعية التي تحيل الصحراء خصبا زراعيا باعادة الحياة الي ترعة السلام. كذلك التجمعات السكانية. ومحاور الطرق التي تزيل عن أرض الفيروز صفة الصحراء.
تنمية سيناء ليست مجرد هدف اقتصادي. ان اصطباغ الأرض بالخضرة والتصنيع يعني احتواء الملايين من أبناء الوادي والدلتا. كما يعني مواجهة خطر الارهاب. سواء في أوكار الجبال. أو علي الحدود.