صباح الخير
هايدى فاروق
استقالات وطعون وتهديد بإسقاط العضوية!
منذ تشكيل البرلمان وقبل أن يبدأ عمله فعليا وحتى كتابة هذه السطور والمشاكل البرلمانية تتلاحق بشكل كبير بداية من الاستقالات وتقديم الطعون على النواب وطلبات رفع الحصانة والمشادات الكلامية والتلاسن بالألفاظ والسباب على القنوات الفضائية واختلاق أمور للشو الإعلامى.


يرى البعض أن مثل هذه المشاكل قد تبدو طبيعية وأسلوباً عالميا فى البرلمانات، لكن الخلافات فى برلمانا المصرى لا تعدو كونها خلافات شخصية مبنية على المصالح وخناقات حول رئاسة لجان ورئاسة مجلس واتهامات لقوى خارجية بالتدخل وخلافات حول زعامة داخل البرلمان.. فعدد اللجان قد ارتفع من 19 لجنة إلى 28 لجنة، وتم استحداث لجان جديدة بهدف رئاستها وأعلن البعض ترشحه على لجان لا يمت لصلة بها.. فالدكتورة آمنة نصير أستاذة الفلسفة الإسلامية على سبيل المثال أعلنت عن رغبتها فى رئاسة لجنة البحث العلمى رافضة الاستمرار فى لجنه الشئون الدينية ولا يعرف أحد ما علاقة الدكتورة بالبحث العلمى.. أيضا النائب مصطفى الجندى الذى يرتدى الجلباب ويتمسك بحقوق الفلاحين والمزارعين سيترشح للجنة الشئون الإفريقية.
غير أن كثيرا من الشباب بدلا من الانضمام للجنة الشباب فى المجلس كلهم أبدوا رغبة فى الانضمام للجنة الشئون الخارجية والعربية.
• استقالات
الخلافات بدأت منذ ثانى يوم وبعد الجلسة الإجرائية للمجلس، حيث تقدم النائب كمال أحمد عميد البرلمانيين باستقالته مؤكدا أن الأسباب هى عدم خبرة الأعضاء وأن 80% من أعضاء البرلمان هم نواب جدد لا يجيدون العمل البرلمانى، وقد أبدى اعتراضا على التدخلات الخارجية مؤكدا أن البرلمان يدار من خارجه رافضا أسلوب ائتلاف دعم مصر فى إدارة انتخابات رئيس المجلس والوكيلين، ومؤكدا أنه يريد أن ينهى حياته البرلمانية بشكل أكثر احتراما ومع ضغوط النواب عاد كمال أحمد وتراجع عن الاستقالة لكن ظلت علامات الاستفهام معلقة.
ثانى استقالة كانت للمستشار سرى صيام التى رآها البعض أنها نتيجة طبيعية نظرا لفصاحة الرجل وقوته السياسية بالمقارنة برئيس البرلمان كما تعاطف الكثير معه، وخاصة بعد استبعاده من اللجنة التى أشرفت على تعديلات لائحة المجلس فشعر الرجل أنه بلا صلاحيات ولا يريد أحد الاستفادة من خبراته.
• الشو الإعلامى
عن نواب الشو الإعلامى حدث ولا حرج الكثير منهم قد لا يهتم بالجلسات وما يدار داخلها وتكون عيناه على التقاط الصحفيين والهرولة وراءهم من أجل الشهرة وتلاسن النواب والاتهامات المتبادلة بينهم التى وصلت للاتهامات ببيع المخدرات.
استقالة النائب عماد جاد من المصريين الأحرار التى يترتب عليها ضرورة موافقة ثلثى المجلس على استمرار جاد كعضو أو إسقاط العضوية عنه، حيث جاءت الاستقالة بعد أن فاز جاد بعضوية المجلس تحت لواء الحزب، لكن سرعان ما تبرأ من الحزب وقياداته وتوجهاته واتهم الحزب بأنه اشترى كوادر ولم يدربها وأن الحزب فشل فى أن يجبره على الموافقة على قانون الخدمة المدنية الذى يراه تحديا صريحا للمواطن المصرى البسيط مؤكدا أن توجهاته الشخصية ليبرالية ومع العدالة الاجتماعية بينما الحزب لا يهتم بالمواطن البسيط ويرجع الخلاف الحقيقى غير المعلن هو الخلاف على رئاسة الكتلة البرلمانية ومنافسته للنائب علاء عابد.. هذا بخلاف طلبات رفع الحصانة عن ثلاثة نواب بينهم الكاتب الصحفى عبدالرحيم على التى رفضها المجلس لعدم استيفاء الشروط.
عن الاشتباكات التى تدور فى البرلمان واعتلاء المصالح الشخصية (صباح الخير) سألت خبراء السياسة ومن كان لهم تجربة العمل البرلمانى عن المشهد الحالى وسبب حالة الفوضى والارتباك أكدوا أن كل هذا يرجع إلى زيادة عدد الأعضاء الفردى وعدم وجود تمثيل حقيقى للأحزاب وعدم وجود حزب قوى وأن التفاوض مع الأفراد أصعب بكثير من التفاوض مع كتل حزبية.
• سوق عكاظ
فى البداية يقول ناجى الشهابى، رئيس حزب الجيل: هذه الخلافات والاستقالات كانت متوقعة نظرا لعدد الأعضاء الكبير الذى يصل إلى 596 عضوا وهو عدد كبير جدا فلغة الحوار والتفاهم من المناهج الأساسية المهمة وما يحدث من تلاسن وخروج عن الأعراف يرجع لزياد العدد فى المقام الأول فالقاعة لا تتسع سوى لثلثى الموجودين فقط السبب الثانى هو عدم وضوح ملامح أساسية للبرلمان بمعنى غياب الظهير البرلمانى للحكومة ومحاولة الاستعاضة عنه بائتلاف ضعيف بخلاف الإدارة الضعيفة للمجلس وعدم إجادة فن إدارة الجلسات وعدم الاستناد للخبرة القانونية.
الشهابى أشار إلى أن ائتلاف دعم الدولة فشل فى إدارة المشهد وفشل فى انتخابات الوكيلين أو إجبار الأعضاء على التصويت لقانون الخدمة المدنية. بينما أغلب الأعضاء الموجودين حتى القديم منهم يعتبرون من الهواة لأن حتى نواب الحزب الوطنى الموجودين حاليا لم يكن لهم دور من قبل.
الشهابى يرى أن من يدير المشهد الانتخابى كان يعتقد أن التعامل مع أفراد سيكون أسهل للسيطرة عليهم من التعامل مع الأحزاب، لكن التجربة أثبتت العكس تماما فالتعامل مع الأحزاب أفضل وهو صورة أكثر ديمقراطية وتسهل الوصول لاتفاق لذلك يظهر البرلمان الحالى كسوق عكاظ.
• تداخل اختصاصات
الدكتور محمد محيى الدين، عضو مجلس الشورى السابق يرى أن السبب يرجع لنقص الخبرة البرلمانية وبعضهم حاول إسقاط وظائفه السابقة على العمل البرلمانى بخلاف أنه مازال هناك بعض النواب يعتمدون على أساليب غير برلمانية تتميز بالتهور وللأسف البرلمان لن يقام بهذا السلوك. من صراع على اللجان وتقسيمها موضحا أن عدد اللجان السابق لم يكن فى حاجة لزيادة ولم يكن يمثل أى مشكلة مشيرا إلى أنه لا ينتقد استحداث لجان جديدة أو فصل لجان، لكن ذلك لا بد أن يتم على أسس وليس للمصلحة الشخصية فقط.. وعن طلبات رفع الحصانة وما اتخذه المجلس من إجراءات ثمن محيى على قرار المجلس بعدم عرض الطلبات غير مستوفاة الشروط على اللجنة العامة مشددا على ضرورة وجود حصانة للنائب فى مجتمع تسوده الفوضى القضائية وعدم الوعى السياسى وأنه يجب تحصين النائب من الباحثين عن الشهرة.
• 80% فردى
أحمد بهاء شعبان، رئيس حزب الاشتراكى المصرى الانتخابات أتت ببرلمان 80% من أعضائه فردى (وحشرت) كل الأحزاب السياسية فى جزء ضعيف لا يتجاوز لـ 20% ولأول مرة فى انتخابات نرى الأحزاب تشترى عشرات من المرشحين بمبالغ مالية كبيرة والغلبة تكون للمال السياسى وبالتالى أصبح لدينا ما يقرب من 500 حزب داخل البرلمان كل عضو فردى يمثل حزبا بمفرده له مصالحه وطموحه يتصرف حسب مصالحه، على عكس الأحزاب فالكتل البرلمانية والحزبية يسهل التفاوض معها وتنظيمها. لذلك فالمصالح الفردية غلبت على مصلحة الدولة ولا يشغلهم الآن سوى صراعات رئاسة اللجان وتقسيمها فكل الممارسات تتجه باتجاه المصالح الفردية.•
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف