نصف الدنيا
خلود أبو حمص
لا تحرمنى من صوتك
تحرمني من صوتك ساردا ما ترى

ولا توصمني بعجز لأَنِّي لا أرى

فأنت أيضا عاجزٌ أن ترى ما لا أراه

أتسألني عن الأزرق والبني وعيني كفيفة لم تره؟

أسألك كيف ترى الحب والصداقة وبصيرتك كفيفه من أن ترى؟

اللون الأزرق طيف السكينة بترانيم أمي

والبني بَرْزَخ بين ظلام دامس ونور شمسي

خلقت بنور في القلب من دون عيني

وحمدت الباري شاكرا وعددت نعمي

أقرأ بلمستي المخملية تاريخي وأشعاري

أري في صوت أمي ما لا يراه غيري

وجوه وتعابير وقصص تنمو في مخيلتي

زملوني يا أحبتي، مشاركتكم دفء لحياتي

إن غاب بصر العين فبصيرة القلب أفضل

وإن غابت بصيرة القلب فالعيون المبصرة كفاف

لا تحرمني من صوتك ساردا ما ترى

ولا توصمني بعجز لأَنِّي لا أرى

خمسون مليون كفيف في العالم، أكثر من تسعة ملايين منهم في عالمنا العربي .. هم في حالة عزلة عن مجريات الحياة العادية … حتى أبسط الأمور كمشاركة العائلة في مشاهدة التلفزيون أو حتى الاستمتاع بفيلم للأطفال!… لنتذكر أطفالنا، وكم تسهم أفلام الأطفال وبرامج الكارتون في نمو ملكه التخيل عندهم والتي تنمو في وجدان الطفل كما ينمو جسده…فلماذا يحرم الإعلام العربي الطفل الكفيف من حقه في البصيرة؟.. هناك العديد من المؤسسات والقوانين التي تحمي حقوق المكفوفين في العالم العربي ولكنها مازالت مقصرة بدمج الطفل الكفيف في مجريات الحياة اليومية، أتساءل لماذا لا يوجد قانون يفرض على منتجي البرامج والأفلام توفير ما يعرف «الوصف الصوتي» للأفلام والبرامج، يسمعها فقط الكفيف «wireless audio” وبهذا يمكنه أن يتخيل ويرى.

هناك قانون في كل من أمريكا وكندا وأستراليا منذ أكثر من عشرة أعوام يفرض على جميع المنتجين ودور السينما توفير «الوصف الصوتي - descriptive audio» فلم لا توجد قوانين مشابهة في عالمنا العربي؟ وقد قمت بتجربة صغيرة قبل طرح الموضوع، تحدثت مع صديق لديه شركه دبلجة ووضع لي وصفا صوتيا لفيلم The Lion King باللغة العربية، وزرت إحدى مدارس المكفوفات في دبي وتحدثت مع المعلمات مطولا وعرفنني على طفلة في الـثامنة من عمرها، اسمها داليا، جميلة كلها ثقة سلمت علي مبتسمة وباتفاق مع المعلمة أعطيتها الفيلم ووعدتها بأن أزورها بعد 3 أيام مع ابني بشرط أن تسمع الفيلم، والحقيقة نسيت الموضوع وكلمتني المعلمة وطلبت مني المجيء، وذهبت إلى المدرسة وكان الصف في المكتبة، نادتني المربية ونادت داليا والتي اتجهت نحوي بكل حماس قائلة:»خالتي شفت الفيلم حلو كتير، شفت الأمير الأسد سيمبا»…. وبدأت تصف لونه وحجمه،الخ واستمرت تصف أصحابه المساكين ودقائق شكل عمه…وتوهج قلبي أملا وهي تكرر كلمه شفت وشفت وشفت، الله.. فالكفيف نعم لا يبصر، ولكن لديه بصيرة، وربما من حولهم من أفراد مؤسسات مبصرة ولكن تنقصها البصيرة،لنفتح أعيننا ونرى ما يراه الضرير؟ أنعم الله سبحانه وتعالى علينا بالبصر، ولكننا نصر أننا عميان البصيرة ولا حول لنا ولا قوه؟ خطوة تضامن بسيطة من كل منا علها بإذن الله تصنع فارقاً كبيراً.. نحن نتقن فن لعنة هذا العالم الذي ينتهك حقوق أصدقائنا المكفوفين، نجد بذلك الطريق الأسهل لنا لكي نتناسى أننا جزء من هذا العالم وبالتالي التملص من المسؤولية المحتمة علينا تجاه إخواننا من المكفوفين..

إن فكرنا في هذا، فإن حرمان أطفالنا الأعزاء المكفوفين من مجاراة الاتجاه السائد في مجال الإعلام السمعي البصري يؤدي إلى آثار راسخة وعميقة على النتائج التعليمية، والمشاركة في العمل والحضور الاجتماعي في نهاية المطاف، وماذا عسانا فاعلون؟ لنبادر جميعاً ونشارك في مبادرتي الخاصة «nowtheycansee» التى تهدف إلى إصدار تشريع في منطقة الشرق الأوسط يفرض توفير تعليق صوتي يصف تفاصيل ما يمكن رؤيته على الشاشة لكل الإنتاجات التليفزيونية والسينمائية ويتم ذلك عن طريق «وصف سمعي» يروي أهم تفاصيل ما يحدث في البرنامج خلال فواصل الكلام في البرنامج أو المسلسل أو الفيلم.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف