محمود غلاب
الطريق الوحيد مكلمة الحكومة
مناقشة برنامج الحكومة فى مجلس الشعب سابقًا كانت عبارة عن مكلمة تدور تحت القبة وكان تقريبًا معظم النواب يعقبون على برنامج الحكومة من خلال تقرير اللجنة الخاصة التى كان يشكلها المجلس لمناقشة البرنامج وكان الكلام تحت القبة يتم على طريقة حوار الطرشان لاطمئنان الحكومة على انحياز الأغلبية البرلمانية لها.
اختلف الوضع حاليًا بعد تعديل الدستور الذى اشترط موافقة أغلبية النواب على برنامج الحكومة لاكتساب الثقة ومنح الدستور مجلس النواب ثلاثين يومًا لمناقشة برنامج الحكومة ويعلن قراره بتأييد الحكومة أو رفضها، وأبلغت الحكومة مجلس النواب بإلقاء برنامجها أمام المجلس يوم 27 فبراير الحالى أى يوم 28 مارس لابد أن يكون مجلس النواب قد اتخذ قراره باستمرار الحكومة رفضها.
وعندما يلقى المهندس شريف اسماعيل رئيس الوزراء برنامج حكومته من على المنصة الثانية لمجلس النواب يوم السبت بعد القادم سيشكل مجلس النواب لجنة خاصة يحيل إليها البرنامج، وستكون تقريبًا برئاسة أحد وكيلى المجلس وستضم ممثلين عن الأحزاب السياسية والمستقلين، وتعد اللجنة تقريرًا برأيها فيه، ويعرض التقرير للمناقشة تحت القبة، مرفقًا به تقرير تعده اللجان البرلمانية المؤقتة فى حالة عدم إقرار اللائحة، ويتضمن تقرير اللجان رأى كل لجنة فى الوزارة المقابلة لها بعد أن يقوم كل وزير بإلقاء بيان أمامها.
وتتم المناقشة تحت القبة عن طريق قرار يصدره المجلس بالمدة الزمنية المحددة للنواب الذين يطلبون التعقيب على البيان، ويحصل ممثلو الهيئات البرلمانية للأحزاب على وقت أطول للكلام، ويعقب النواب من فوق المنصة على البيان ويعلن كل نائب رأيه فى برنامج الحكومة بالتأييد أو بالرفض، وفى نهاية المناقشات يصوت المجلس على برنامج الحكومة، فإذا أيدها أغلبية الأعضاء أى نصف الأعضاء زائد واحد استمرت الحكومة وإذا قل العدد عن الأغلبية استقالت الحكومة، ويكلف رئيس الجمهورية رئيسًا للوزراء بترشيح من الحزب أو الائتلاف الحائز على أكثرية مقاعد مجلس النواب، وإذا لم يحصل رئيس الوزراء فى المرة الثانية على الثقة يعتبر مجلس النواب منحلاً.
الحكومة حاليًا فى مأزق، وموقف مجلس النواب حرج، والسبب أن الحكومة ستطلب من خلال برنامجها موافقة مجلس النواب على زيادة أسعار بعض السلع والخدمات، فى إطار ما أسماه رئيس الوزراء القرارات المؤلمة، وسيواجه طلب الحكومة برفض شديد من معظم النواب فى محاولة منهم لإرضاء الناخبين الذين يكتوون بنيران الأسعار، فى ظل تدنى الأجور وتدنى مستوى الخدمات أيضًا التى تقدمها لهم الحكومة فى كافة المجالات وإذا وافق النواب على تحريك الأسعار فسيطالبون الحكومة بزيادة الأجور والمرتبات كشرط للموافقة على رفع الأسعار بنسب لا تحمل المواطنين أعباء جديدة، سيعلن النواب تفهمهم للأسباب التى تدعو الحكومة إلى زيادة الأسعار وفى مقدمتها التغلب على أزمة عجز الموازنة، ولكنهم لن يغامروا فى أول اختبار لهم باتخاذ قرارات تحمل المواطنين أعباء إضافية مما يحدث صدمة فى الشارع، ويتهم النواب بإعطاء ظهورهم للناخبين الذين أوصلوهم إلى مقاعد البرلمان. سيكون النواب فى موقف صعب، بين أزمة الحكومة، والظروف الصعبة التى يعيش فيها معظم المواطنين الذين لا يستطيعون الإنفاق على أسرهم بالأجور والمرتبات التى لا تكفى لحياة كريمة أو حتى أقل من ذلك، وسيقايض النواب الحكومة بين التراجع عن خطة رفع الأسعار،أو تمريرها بشرط زيادة المرتبات والأجور، واستيعاب شباب الخريجين فى منظومة العمل، وفتح ملف الأجور، وقضية العلاج، والتشغيل، وسيكون محل الخلاف بين النواب والحكومة سببًا فى إجراء تغيير وزارى عاجل، لتنجوا الحكومة من امتحان الثقة بمعجزة وقد تحدث مفاجأة بسحب الثقة منها إذا سارت الأمور على هوى كل نائب استنادًا إلى رفض الرأى العام لاقتراح زيادة الأسعار والتى سيتحملها محدودو الدخل رغم ما تدعيه الحكومة عن مساندتهم.