عباس الطرابيلى
هموم مصرية -ماذا.. لو سقطت الحكومة؟
أخشى أن تسقط الحكومة الحالية، فى أول اختبار لها، أمام البرلمان رغم أن رفض هذا البرلمان لقانون الخدمة المدنية أعتبره مؤشراً صعباً على طريق العلاقة بين السلطة التنفيذية الممثلة فى الحكومة.. والسلطة التشريعية، الممثلة فى البرلمان.
ذلك أن سقوط الحكومة، سواء برفض البرلمان لخطابها القادم أو بسحب الثقة منها، سوف يؤدى الى أزمة دستورية خطيرة.. ويعد ذلك مقدمة لصدام قادم بين السلطتين.
<< فإذا كانت الحكومة تحاول أن تضع الآن خطة لمواجهة الخلل الاقتصادى والعبور بالبلاد إلى بر الأمان، رغم قسوة وعنف معركة الدولار وأن ذلك سيؤدى بالضرورة الى اتخاذ الحكومة عدة إجراءات تقشفية كبيرة، وربما عنيفة.. فإن البرلمان ـ بصفته المدافع عن الشعب يمكن أن يعترض على هذه الإجراءات.. خصوصاً وأنها تبدو الطريق الوحيد لعبور هذه الأزمة.. وأمامنا تجربة رفض هذا البرلمان لقانون الخدمة المدنية، رغم أنه كان يحمل أولى خطوات تراها الحكومة ضرورية للإصلاح المالى.. والوظيفى.. فما هو الحل؟!
هنا نقول: إنه لا إصلاح دون تحمل بعض الإجراءات. ولكن البرلمان سيحاول أن يقول: أنا المدافع عن مصالح الناس. وأرفض أى مساس بحقوق الناس فى حياة كريمة، وإنه جاء ليخفف عن الشعب ـ لا أن يقبل ـ ويوافق ـ على إجراءات تؤدى الى إلغاء الكثير من دعم الحكومة لكثير من السلع والخدمات. هنا سوف تتناقض المواقف. فالبرلمان ـ لن يوافق بسهولة ـ على أى إجراء يفرض مزيداً من القيود على الناس.. ولكن ما هو المفر؟
<< ودون الدخول فى متاهات دستورية قد نجد أنفسنا فى قلبها إذا رفض البرلمان خطاب الحكومة.. أى سياستها المقبلة لمواجهة الأزمة الاقتصادية. وبذلك: هل يعيد رئيس الجهورية تكليف نفس الحكومة ولو بإعادة تشكيلها، وتغيير معظم وزراء المجموعة الاقتصادية فيصمم البرلمان على رفضها. أم يبحث الرئيس عن رئيس جديد للحكومة ووزراء آخرين، يحصلون على موافقة البرلمان؟
ولكن هل تتحمل البلاد رفاهية تشكيل حكومة جديدة.. بل وهل هناك الآن من يقبل أن يتولى رئاسة الحكومة بينما الناس لا تعرف الآن ـ على وجه اليقين ـ عدد الحكومات التى تولت المسئولية منذ يناير 2011. وهل نجد من الخبراء من يقبل المنصب الوزارى.. أم تلتصق بنا مقولة إننا وطن لا تعيش له حكومة؟
<< وإذا كانت أى حكومة حالية ـ أو قادمة ـ لن تستطيع أداء دورها لمواجهة الأزمة الاقتصادية الحالية.. فما هو الحل. وهل تتعرض البلاد لمظاهرات.. وإضرابات واعتصامات، خصوصاً وأن بيننا الآن للأسف من يعمل على نشر الشائعات والأكاذيب.. ومن يستغل أى خطأ أمنى أو حتى حادث قطار أو سقوط جزء من كوبرى؟! وهذه كلها وغيرها من أهم مخططات أعداء الوطن.
أم أن الأمر يقتضى أن يتحمل الشعب بعض الإجراءات، حتى نعبر مانحن فيه من كارثة اقتصادية، نقول ذلك ومازلت أتذكر مقولة السياسى المخضرم ونستون تشرشل عندما تم تكليفه برئاسة وزراء بريطانيا خلال الحرب العالمية الثانية عندما خاطب الشعب وقال: لن أحمل لكم إلا العرق والتعب والدموع.. من أجل النصر.
<< ونحن الآن ـ فعلاً ـ فى معركة حقيقية. لإعادة ترميم الوطن الجريح وإصلاح بعض ما فسد من أمورنا، وبالذات فى السنوات الخمس السابقة.. وإذا كان الشعب يتقبل أى إجراءات فإنه فى المقابل ينتظر خطاباً يمكن الوفاء به.. وسياسة يقتنع بها.. بشرط أن تشمل الكل: الحكومة قبل الشعب. والأغنياء قبل البسطاء.
وبشرط أن لا نواجه صراعاً بين الحكومة والبرلمان، فلا مكان هنا لهذا الصراع.. أو حتى ادعاء البطولة.
<< نحن نتمنى تعاوناً بين السلطتين: التشريعية «البرلمان» والتنفيذية أى الحكومة.. بشرط أن يكون خطاب الحكومة ـ وأيضاً ـ برنامجها قابلين للتنفيذ.. وليس مجرد كلمات جوفاء أو مثل العلاج بحبات الإسبرين.
لا نريد صراعاً. بل فترة هدنة تسمح للسلطتين معاً بالتعاون المطلوب حتى نعبر أخطر أزمة تواجه مصر الآن.. وربما منذ قرون عديدة سابقة.، آمين، يارب العالمين.