محمد جبريل
ع البحري .. زيف الإعلام الغربي
قرأت كتاب العالم التونسي الكبير عبدالسلام المسدي "السياسة وسلطة اللغة" اجتذبني حديثة عن استبدال الأسماء والصفات ذات الدلالات المغايرة. المقصودة. بالأسماء والصفات الحقيقية. لاقرار ما قد لا يكون صحيحاً!
حدثتك من قبل عن الشرق الأوسط التي جعلها الإعلام الغربي بديلا للوطن العربي. أو المنطقة العربية. لسبب غاب ـ للأسف ـ عن الكثيرين. وهو أن إسرائيل ـ في ظروفها التاريخية والجغرافية ـ لا تنتمي إلي المنطقة. وحتي تكتسب الانتماء. فقد كان من الأوفق أن تستبدل التسمية التي يعرفها العالم. وتعرفها ـ بالطبع ـ شعوب المنطقة.
المسدي يشير في كتابه إلي مسميات أخري. لم تصدر عفو الخاطر ولا مصادفة. وانما أملتها رغبة في توصيل معني محدد. وتأكيده فالاستشهادي الفلسطيني يتحول ـ بقدرة الإعلام الصهيوني ـ إلي انتحاري. وعمليات المقاومة بالتالي عمليات انتحارية أو عمليات ارهابية. حتي تسمية الاستعمار الصهيوني ـ في تقدير المسدي ـ ليست صحيحة. لأن الاستعمار من العمران. وما حدث ـ ويحدث ـ في فلسطين هو استيطان. فضلا عن التدمير والاغتيال والتهجير لشعب بأكمله. بل ان دول المغرب العربي تتحول إلي دول شمال افريقيا تعمدا لاغفال التحامها بالمحيط العربي. وإذا كان المقاتلون الأفغان قد واجهوا الاحتلال السوفيتي بتسمية المجاهدين. فإن التسمية تبدلت إلي النقيض في ظروف تالية. ذلك لأن الصديق الذي بارك التسمية صار هو العدو! وندفع عن أنفسنا تهمة العداء للسامية. وهي التهمة التي ألفت إسرائيل توجييها لمن يجرؤ علي مجرد مناقشة الدعاوي الصهيونية. تهمة جاهزة حتي لو أدانت الحكومات والهيئات العربية اعتداء صهيونيا علي مواطنين عرب. فإن التهمة التي يجب ان نعد أنفسنا لمواجهتها هي العداء للسامية. مع أننا ساميون!
وإذا كانت عبارة المجتمع الدولي تعني كل الدول التي يضمها هذا العالم. فإن الدول التي تنسب اليها هذه التسمية تشمل فحسب دول الغرب الأوروبي والولايات المتحدة. ولا اشارة إلي دول أمريكا اللاتينية ودول آسيا وافريقيا. كأنها منفصلة عن المجتمع الدولي. كأنها ليست منه!
تغيظني آراء الساسة الغربيين في مشكلة ما تخص شعبنا العربي: نزاعات جنوب السودان.. حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية.. التدخلات الاحتلالية المعلنة في العراق.. لا تنسب الآراء إلي بلادها. ولا تعتبرها مجرد اجتهاد شخصي. وانما هي تتحدث عن موافقة المجتمع الدولي. والعكس. حول هذه القضية أو تلك.
عشرات المسميات ينبهنا المسدي إلي بواعثها. رغم أننا نلتقطها. ونتبناها. ونهمل المسميات التي تعبر عن المعني الحقيقي وواقع الحال.
في أثناء نضال شعب فيتنام ضد الاحتلال الأمريكي. كانت وكالات الأنباء الغربية تصف المقاتلين الفيتناميين بالإرهابيين. ومع أن الموقف الرسمي المصري. فضلا عن الموقف الشعبي. كان مناصراً للنضال الفيتنامي. فإن الصفة التي كانت تسبق عمليات المقاتلين الفيتناميين هي الإرهاب! تنهبت وسائل الإعلام المصرية ـ متأخراً ـ إلي ذلك الخطر. فصار الإرهابيون ـ تسمية وكالات الغرب ـ مقاتلين!
من واجبنا أن نستعيد الكثير من الأسماء والمسميات والصفات التي زيفها ـ أو حجبها ـ الإعلام الغربي.