آخر ساعة
حسن علام
عندي كلام .. رحيل الأخ الأكبر
الكتابة أصعب ما تكون عن فقد عزيز، خاصة إذا كان أقرب الناس إليك، ويجمعه بك اسم ولقب واحد للأب والأجداد، وليسمح لي القارئ هذا الأسبوع أن يكون مقالي «شخصيا»، وأعتذر عن ذلك مقدما، فالمفروض في كاتب المقال أن يكون كالطاهي الجيِّد يثير شهية غيره بالأغذية التي يسيل لها اللعاب بالمذاق والشكل والألوان وحسن العرض والتنسيق والتنوع والقيمة، وبالتالي يثير لديه عنصر التشويق، وإذا كانت الأطعمة غذاء الأجسام، فإن الأفكار هي غذاء العقول، والموت عند الكثيرين يثير فيهم الخوف والتشاؤم.
وإذا كان هذا الموت من قدر الله عز وجل، فإن هذا القدر يهز مشاعري.. ويبث الحزن في نفسي ووجداني، خاصة إذا كنت قد ذقت مرارته خلال سنوات متقاربة، بدأ بوفاة أخي الأصغر مني بعام، وبوالدتي أعز الناس بشهور قليلة، وقبلهما بعدة عقود والدي (رحمهم الله) وأنا مازلت صغيراً، ثم كانت آخر هذه الابتلاءات أخي الأكبر (الحاج محمود علام)، الذي كان بمثابة والد، وأشهد أمام الله أنه كان رجلا صالحا تقيا يعبد مولاه حق العبادة، وبارا بأهله وأسرته وكل معارفه، وكان يمتلك قلبا صافيا رائعا لا يعرف حقدا، فقد كانت طبيعة تكوينه التسامح والطيبة والترفع عن الصغائر، أما محبته في الله فقد اتسعت دوائرها لما بعد أسرته، فلأول مرة أري كثيرين من غير أهلي يبكونه عند دفنه، ويشاركوننا العزاء في اليوم التالي بكل محبة وصدق ووفاء، وكان لهم أثر عظيم في تخفيف أحزاننا.. اللهم ذكِّرني بالموت لأدفع عني غرور الخلود والبقاء، وأقدم عملا صالحا لوجهك الكريم ترضاه..
ورحم الله أخي الأكبر الحاج محمود علام، وألهم أبناءه (أبنائي) أحمد ومحمد وهشام الصبر والسلوان.. يارب العالمين
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف