المساء
حسن حامد
أعقلها -هيكل الاستثنائي
اعترف اني وصفت الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل قبل رحيله بأعوام في تقرير صحفي مطول وعميق حول شخصيته وثقافته وعلاقاته بأنه ظاهرة استثنائية وكان ذلك بسبب ثلاث سمات أو مميزات تمتع بها رحمه الله.
الأولي انه كان ظاهرة استثنائية كمحلل سياسي لديه القدرة علي أن يقيم تحليله للمواقف السياسية دون ارتجال أو احتمالات كما يفعل معظم المحللين السياسيين فضلاً عن انه من القلة القليلة التي أنجبتها صاحبة الجلالة وكانوا قادرين علي التحليل العميق وليس استهلاك المعلومات ونقلها كالحمار الذي يحمل أسفارا.
والثانية انه كان ظاهرة استثنائية في امتلاكه قاعدة معلوماتية واسعة وموثقة ومتعددة. مستمدة من مصادر وثيقة وقائمة في الأساس علي علاقاته الشخصية بتلك المصادر وقربه منها مما أتاح له الاحتفاظ بالكثير من الأسرار التي لم يكن يبوح بها إلا قطرة قطرة وعند الحاجة.
والميزة الثالثة انه كان ظاهرة استثنائية فيما يملكه من علاقات داخل مصر وخارجها جعلت منه نموذجاً للصحفي القريب من السلطة وربما لم أعرف ان هذا النموذج تكرر بمثل القرب الذي كان فيه هيكل من بعض الرؤساء علي مستوي دول العالم.
لكني بالرغم من هذا كله أجدني مدفوعاً للتفكير في جدوي تلك العلاقات وهل كانت تصب في مصلحة مصر بالفعل أم لا؟ ولا يمكن في هذا الاتجاه أن ننكر بالطبع علاقاته بإيران والتي استمرت حتي وفاته بل ونجده حريصاً علي مغازلة إيران والشيعة في وصيته حين أوصي بأن يصلي عليه في مسجد سيدنا الحسين. كما لا ننكر علاقاته بقطر وأمريكا وغيرهما من الدول التي لا تحب الخير لمصر وتبذل كل ما في وسعها لعرقلة مسيرتها.
وقد كتبت في هذا المكان من قبل منذ عدة أعوام حول حكاية ترشيحي للمشاركة في دورة تدريبية صحفية متميزة نظمها مركز هيكل للدراسات وحاضر فيها ديفيد كوين وزير الخارجية البريطاني وقت حرب 1973م وذكر فيها كوين اننا لم ننتصر في حرب أكتوبر ولو حتي انتصارا معنويا وكان هيكل جالسا لم يعلق ورحنا نحن الحاضرين نهاجم هذا الكلام واعتبرنا ما قاله كوين سبة في جبيننا وإهانة لتاريخ مصر.
ربما أكون مخطئاً في الحكم علي هيكل الذي أحببته واعتبرته النموذج الذي يجب أن يكون عليه الصحفي والقدوة التي تمثل لنا بوصلة الطريق وأتمني أن تكشف الأيام عن صدق نوايا الرجل.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف