الوفد
عباس الطرابيلى
هموم مصرية -نحن.. ورئيس الوزراء!
ذهبت للقاء رئيس الوزراء - أمس الأول - المهندس شريف إسماعيل، وفى ذهنى ثلاثة محاور رئيسية للحوار.. أولها - وأكثرها حساسية - موضوع مرتبات العاملين بالجهاز الإدارى وارتباطها بالانتاج الحقيقى.. والأمن القومى وهو الأخطر، والثالث انهيار الانتاج القومى ومقارنته بتصاعد حجم الواردات.
الأول - وأعرف مدى حساسية - لأن أحدًا لا يقبل المساس بمرتبات العاملين.. بل هم يطالبون بزيادتها لأنهم لم يثوروا - مع الشعب - من أجل خفض دخلهم.. وعلى هذا «يلعب» ويتآمر أعداء الوطن.. وهدفهم هناك دفع الناس إلى ثورة جديدة أراها «الطوفان» الذى يمكن أن يدمر الوطن نفسه.. وما درينا أن الأعداء لا تهمهم مرتبات العاملين، بقدر ما يهمهم اسقاط النظام، انتقاما من الشعب الذى اسقطهم عن كراسى الحكم.
<< والثانى: مؤامرة سحب مصر إلى عمليات عسكرية برية، خارج حدودها سواء فى اليمن - دعما لأمن الخليج والسعودية - وتصديا لمطامع إيران الفارسية للسيطرة على المدخل الجنوبى للبحر الأحمر، وبالتالى ضرب عائداتنا من قناة السويس، الجديدة والقديمة معًا، أو فى سوريا شقيق النضال «ع الحلوة والمرة» خصوصًا وأن من الاستراتيجية المصرية الثابتة ومنذ آلاف السنين، أن أمن مصر شمالاً يبدأ من هناك - من جبال طوروس الفاصلة بين العربية والعروبة - فى سوريا - ولن نسمح بسقوط سوريا - مهما كان الثمن - وهذه نقطة خلاف مع كثير من الاشقاء العرب - ثم محاولة سحب مصر عسكريًا وبريًا إلى حرب فى ليبيا - على حدودنا الغربية - أى ملاحقته لنا.. ومنها الخطر الكبير المجاور.. والهدف فى اليمن وسوريا وليبيا، هو تدمير الجيش المصرى تمامًا لأنه الوحيد الباقى بعد تدمير الجيوش العراقية والسورية والليبية تمامًا حتى يسهل للمخطط ضرب المنطقة العربية بكاملها.
<< ثم أيضا تدمير القوة الاقتصادية المصرية، أى ببساطة تدمير كل ما بقى لنا.. ولمن لا يعلم أن هذا المخطط، وإن كان يبدو مخططًا حديثا وعصريًا.. إلا أنه فى الحقيقة هدف مستمر، ظهر واضحًا من أيام الحروب الصليبية، أى منذ أكثر من عشرة قرون، على الأقل!! واستمر أيام محمد على وحفيدة الخديو إسماعيل.. وجمال عبدالناصر.. وحتى الآن.. وهذه المرة أيضا تتحالف القوى المعادية شرقًا ممثلة فى إيران.. وشمالاً ممثلة فى تركيا وغربا فى أمريكا ومن يسير على دربها.. ويلتقى كل ذلك مع الإرهابيين الجدد.
والثالث: معركة الدولار.. لخنق مصر اقتصاديًا تمامًا كما حدث مع الكشوف الجغرافية واكتشاف الغرب لطريق رأس الرجاء الصالح لتحويل التجارة العالمية عن مصر وتحطيمها ماليًا.. وهذ هو المخطط الحالى.. ياه!!
<< ولقد حملت كل هذه المخاوف معى وأنا فى طريقى للقاء رئيس وزراء مصر المهندس شريف إسماعيل، أمس الأول.. فماذا قلت لرئيس الوزراء.. وبماذا رد.. بالأرقام.. وليس بالكلمات الجوفاء.. وأعترف أن المهندس شريف إسماعيل كان يريد أن يستمع.. وأن يعرف.. قبل أن يتكلم.. وهو بالمناسبة قليل الكلام.. وإن كان أكثر ما يميزه أنه مبتسم دائمًا متفائل غالبًا.. رغم أنه يواجه - الآن - ما لم يواجهه أى رئيس وزراء لمصر على مدى نصف قرن.. كان معظم السابقين - وقد جلست إلى معظمهم ومنذ خمسينيات القرن الماضى - ما أن تفتح الميكروفونات..ينطلق يتكلم.. وكان بعضهم - كما كنا نتندر - يسير على طريق خطاب العرش أى برنامج الحكومة زمان «يقول: وستعمل حكومتى على رصف «الطريق الجوى» من القاهرة إلى أسوان.. ولاحظوا الطريق الجوى وكان النواب يتسابقون أيامه.. فى التصفيق!!
<< ولم يكن اللقاء فى قصر الأميرة شويكار ابنة الأمير إبراهيم أحمد باشا ابن المرحوم أحمد رفعت باشا ابن المرحوم إبراهيم باشا والى مصر بعد والده محمد على باشا الكبير.. وهو القصر الذى قدمته هدية منها لمصر ليصبح مقرًا لمجلس وزراء مصر الذى كان ينعقد قبلها فى قصر إسماعيل باشا المفتش وزير مالية الخديو إسماعيل، فى ميدان لاظ أوغلى.. ولكنه كان فى مقر هيئة الاستثمار، فى بدايات حى مدينة نصر.
كان رئيس الوزراء يستمع إلينا، ويسجل بقلم رصاص.. فى أجندته كل ما يسمعه منا.. كان يريد أن يعرف.. وأن يرد بما يعرف.. ورغم كل ما يعرفه من مشاكل وعقبات، فإن الابتسامة لم تفقد طريقها إلى وجهه.. وبالتالى يبعث فينا الأمل.. فماذا قلنا. وبماذا رد.
البداية كان حديثه عن العدالة الاجتماعية.. وأنه من الظلم أن نظلم المواطن البسيط.. المواطن الفقير حتى ونحن نبحث عن إصلاح حقيقى.. وكانت البداية تصاعد حجم الأجور منذ 5 سنوات.. وحتى الآن.. وهى - فى رأيى - من أخطر ما يواجه المجتمع.. ويواجه الحكومة أيضا.. فهل نعرف أن الأجور كانت 85 مليار جنيه فى موازنة الدولة عام 2010.. ثم قفزت - فى الموازنة الحالية - إلى 218 مليار جنيه.. أى نقترب من ثلاثة أمثال ما كانت عليه عام 2010.. فأين المفر.
<< وإلى الغد، إن شاء الله
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف