محمد فودة
من الواقع - "إن كيدكن عظيم" خبايا المرأة في ديوان د. عبدالحميد محمود
يقولون إن حواء هي التي أوعزت إلي آدم بالخروج من الجنة بعد أن حذرهما الله من الاقتراب من الشجرة.. لكن الشيطان دلاهما بغرور فأكلا منها فبدت لهما سوءاتهما "وعصي آدم ربه فغوي".
وفي القرآن الكريم يصف الله سبحانه وتعالي النساء بـ "إن كيدكن عظيم".. وفي إطار هذا المعني يؤكد لنا شاعر العشق والحب والخيال الطبيب الدكتور عبدالحميد محمود تلك الرؤية للمرأة في ديوانه "ما أنت إلا امرأة"!!
طبيبنا يحلق بخياله في مروج خضراء وسماوات صافية يعانقها نسيم عليل شفاف وتطير به في أجواز الفضاء يبحث عن محبوبته التي نسجها من وحي إلهامه فيدرك بعد طول عناء أنه قد عثر علي أحلي أيقونة وأجمل زهرة في الوجود. يسبق أريجها هذا النسيم فينتشي قلبه وترقص الكائنات من حوله!
وحين يريد أن يقطفها ليستأثر بها تصدمه الحقيقة المرة ويفاجأ بأنها تشارك كل النساء اللاتي كانت علي شاكلة امرأة نوح وامرأة لوط "كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما".. والخيانة هنا لا تعني الخيانة الزوجية بمعناها المفهوم. بل هي خيانة الإيمان وروح الحب والصدق مع النفس.
انظر إلي طبيبنا وهو ينتقي كلماته بأسلوبه الرقراق وتشبيهاته المتجددة وهو يصف تلك التي ظنها محبوبته حين يقول:
من أي عاصفة بدأت الملحمة
وزرعت في النبضات أزهار البنفسج
.. كي تروي لوعتي
وتركت خلف المتعة الفيحاء أشواك الصحاري
يبدو سرابك في المدي فأتوق
للرشفات من ماء الهوي
وأجن حين أمد كفي
ظامئا فتعود ليس بكأسها إلا الجوي
كذب الفؤاد وما صدق
الملحمة عمل بطولي.. لكن امرأة طبيبنا الشاعر لم تبدأها من متعة الروح وحب الحبيب الذي مد يده إليها. وإنما بدأتها من عاصفة هوجاء. وجعلت أزهار البنفسج الفيحاء خاوية خادعة لم تترك خلفها إلا أشواك الصحاري.. ثم يختم المقطع بقوله: كذب الفؤاد وما صدق!!
اتبع شاعرنا العاشق أسلوب القصر المكون من "ما وإلا" عندما يؤكد أن المرأة هي المرأة في كل زمان ومكان فقال "ما أنت إلا امرأة" وكأنه يقول: ما أنت إلا حواء. وأن هذه سمات مشتركة لكل نساء العالم!!
الديوان يركز علي هذا المعني في كل قصائده التي بلغت 40 قصيدة.. وهو في كل منها تهفو نفسه إلي تلك المحبوبة. ويضعها في برج من النور علي قمة شاهقة تغزو السحاب ــ كما قال شاعرنا الراحل الطبيب إبراهيم ناجي ــ لكنها كانت في النهاية تصدمه فيقول: كذب الفؤاد وما صدق!!
وينطلق بك خيال شاعرنا الطبيب عبدالحميد محمود وجموحه المشتاق دائمًا إلي الحب من قصيدة "اثنان" ويسير بك الهويني الهويني بين منعطفات قصائده الخلابة العذبة حتي تصل محبوبته إلي "بنفسجية" حيث أحبت "فريد" وعشقته بحة صوته وكان هو روضة في حدائق الورود والفل لـ "عبدالوهاب" ولو أن أم كلثوم غنت فكلي يردد أنغامها.. ثم هي لا تري حيلة لها معك فتقول: فما أروع الحب ما أروعك!!
ثم يأتي القرار النهائي من الشاعر لينتهي ما بيننا فإنني لا أحتمل وأنت كاذبة.. وأنت عارية.. وعرفت من اختلاف الصوت أنك تبدلت فإنك ألف كاذبة!!
إذا أردت ــ عزيزي القارئ ــ أن يكون جليسك ديوان "ما أنت إلا امرأة" فسوف تجد فيه خبايا المرأة التي أحببتها أو يمكن أن تحبها.. مع أسلوب ممتع وشيق بحق.. وشاعر مفطور علي الحب والتحليق به في دنيا الخيال.
اقرأه.. واستمتع به.. فأنت الرابح أولاً وأخيرًا.