محمد فتحى
هى البلد بتقع ولّا إحنا اللى بنتهز!!
لا البلد بتقع، ولا إحنا مهزوزين، نحن فقط (مهزومون) أمام أنفسنا فى رحلتنا للبحث عن انتصار حقيقى، فى وقت تطالبنا فيه القيادة بـ(الصبر)، وإبصار (حجم) الإنجاز
هناك مشروعات قومية، يطلَب منا أن نتحدث عنها لنذكّر الناس بعظمة ما تم، لكن أين النتيجة، وأين المعلومات، وأين مكاسب المواطن من مشروع قناة السويس الجديدة، وأين أثر ما تحقق من المؤتمر الاقتصادى الذى تباهينا به وفرحنا بالأرقام التى أُعلنت ثم اكتشفنا أنه بعد مرور عام تقريباً فإن الأمر كان (مسكّنات) أو (بنج موضعى) وأن العَرَض والمرض مستمران، فيما العلاج غير موجود فى صيدليات الدولة، وحين تقول إن أثر ما حدث سيأتى بعد حين يجب أن أسأل، وماذا عن الأثر الفورى الذى يجب أن يحدث فى قطاعات تمس المواطن مباشرة مثل الصحة والتعليم، وماذا عن الاقتصاد؟. يا سيدى والله أعرف أنك ستتحدث عن التموين وعن طابور العيش الذى اختفى وعن السلع المتوفرة بأسعار زهيدة، لكن هل أنت واثق أن هذا هو ما يحدث فعلاً بعيداً عن الصور التى تنقل إلينا والبيانات الإعلامية التى توزع؟؟ وهل أثر الأمر على الأسعار فحاصرها؟؟ وهل تم ذلك وفق رؤية تستشرف الأزمة، فتمنع، أو تحاصر، أو تعالج أزمة الدولار؟؟
هناك عمل يحدث، وينجَز، يراه الرئيس ورجاله أكبر من المتوقع، ويحتاج للمزيد من العمل، ونراه أقل مما نتمناه.. ويحتاج للمزيد من الأثر الذى نلمسه..
هناك دولة (اسماً) لكنها بنفس أعباء وأخطاء وكوارث الدولة التى كرهناها لأن (روح) الدولة تعمل كما هى، وأخطاءها كما هى، والجهاز العصبى للدولة فاسد، وبدلاً من هيكلته يُترَك للظروف، والكفاءات معطلة أو لا أحد يصل إليها، والنتيجة أننا أمام معسكرين دائماً أبداً: معسكر دراويش لا يرى خطأ يحدث، وسيؤدى بنا إلى (داهية) تاخده وتاخدنا، لأن الواقع فى تراجع. ومعسكر معارضة لا يرى سوى الخطأ، وسيؤدى بنا إلى ديكتاتورية حقيقية حين يقر النظام أنه طالما مخطئ فى كل الأحوال، فليفعل إذن ما يريده، وطظ فى الجميع، لتصبح النتيجة مجتمعاً مرتبكاً يعيش فى (شبه دولة)، لها مؤسسات (مشدودة) بالشخط والنطر، وليس بالنظام والقانون، وحين تعالج قصورها تستبدلها بالجيش الذى أصبحنا نسأل: هيلاحق على إيه ولّا إيه، وأصبح محظوراً علينا نقده تقديراً لدوره ولأن هدمه سيهدمنا جميعاً، لكن إذا كان الجيش سيقوم بكل شىء فأين الدولة، وحتى لو كان الأمر مؤقتاً، فأين ما يحدث على أرض الواقع لكى لا يتكرر أى قصور، أو نعد بدائل واقعية، فما نحتاجه (عمل حقيقى) بحثاً عن (نتيجة حقيقية) وليس عن (لقطة إعلامية) أصبح الجميع يحرص عليها ظناً أن الناس هكذا (ستعرف) ووقتها (ستقدر الظروف) و(تصبر) على مكاره الظروف..
البلد لا تقع، ولن تقع بإذن الله، لكن الأداء سيئ، ولا أحد يريد أن يعترف، لأنه يعمل، وطالما يعمل هو يظن أن الجميع يعمل، وحين تنصح أو تنقد يتعامل تعامل الهواة فـ(يتقمص) أو يسلط علينا من لا يخاف الله ولا يرحمنا، أو يهب ليؤكد أننا مارقون ناكرون للجميل، أو يذكرنا بأن الحمل تقيل من البداية، ويجب أن نحمله (معاً)، لكن الحقيقة أن أحداً لا يسمح لنا بحمل شىء، لأن (الرؤية) واحدة، والدولة أصبحت تستعين بالهيستيريين والمطبلاتية عينى عينك، والأجهزة الأمنية تدعم صفحات فيس بوك لنهش الجميع، ونظرية (بص العصفورة) عادت بقوة، لكنها لم تعد بنفس قوة كوارث الواقع الذى يفرز كل يوم أزمة تذكرنا أن الإدارة نفسها خطأ..
مصر لا تتحمل ما يحدث، لا تتحمل داخلية بهذا الأداء، لا تتحمل أجهزة تتصارع مع بعضها البعض ونشم رائحتها أو يطالنا رذاذ ما تفعل، لا تتحمل إعلاماً قذراً لا أحد يريد ضبطه بالقانون المحترم أو هيكلته بشكل يحفظ لمصر مكانتها، لا تتحمل التعامل على أن ما يحدث الآن هو الأفضل، لا تتحمل الاعتماد على (كلاب سكك) بالمعنى الحرفى بدلاً من الاعتماد على (مخلصين) حقيقيين يفقدون أملهم كل يوم عبر تجاهل (الدولة) ورجالها لما يقدمونه (من نصح) ولما يشيرون إليه من قصور، ولما يصفونه من علاج...
مصر لا تحتمل أن يترك أحدهم كل ما فات ليشتكى من مقال رأى.. ركزوا فى أزمة الدولار أحسن لتحلوها، لا لتبحثوا عن شماعة الإخوان، وكفوا عن دعم (كلاب السكك)، وأعيدوا هيكلة أحلامكم نفسها لكى لا تتحول إلى كابوس..
نحن مع مصر إلى نهايتنا، ولن نسمح بنهايتها.. مهما حدث.