إنشاء وزارة للتعليم الفني تجربة جيدة نتمني لها أن تنجح وتحقق الهدف منها.. وقد ذكر الوزير المسئول عن هذه الوزارة في أول حديث صحفي أن الهدف من وزارته هو تخريج جيل من الفنيين والمهنيين المؤهلين الذين يحتاجهم سوق العمل.. لكنه بعد أن درس الموقف الحالي في التعليم الفني اكتشف أن الواقع مؤلم وصعب للغاية.
وبمقتضي قرار إنشاء هذه الوزارة سيتم إضافة التعليم المهني كتعليم أساسي بجوار التعليم العام والتعليم الفني.. وتنفيذ ذلك سيكون من خلال مدارس متخصصة بعد المرحلة الإعدادية مهمتها الأساسية تخريج مهنيين في جميع المجالات مدربين وجاهزين لسوق العمل.. والطالب في مدارس التدريب المهني هذه ستكون له مواصفات خاصة حسب مستواه الفكري والتعليمي.. وسيكون لخريج المدارس المهنية مميزات كبيرة فيما يتعلق بالتدريب وربط الدراسة باحتياجات سوق العمل بشكل مباشر.
ومما فهمته من كلام الوزير أنه يمكن أن تلحق بعض المدارس المهنية بالمصانع بالاتفاق مع القطاع الخاص.. وهو ما سيفيد الطرفين.. فالمصانع ستجد عمالة مدربة وجاهزة للعمل.. ولديها انتماء كامل للمهنة وللمصنع حتي من قبل أن تعمل به.. والخريجون سيحصلون علي فرصة العمل مباشرة دون انتظار لسنوات.
مرة أخري.. هذه تجربة جيدة تستحق الدعم والرعاية الكاملة.. حتي لا يفتر حماس المتحمسين لها.. وتدخل التجربة في زوايا النسيان مثل تجارب كثيرة سابقة في هذا المجال أتمني أن يطلع الوزير عليها.. وفي مقدمة هذه التجارب مدارس التدريب والتأهيل المهني التي كانت تخرج فنيين ومهنيين في النجارة والخراطة والكهرباء وصناعة السيراميك.. وأظن أن بعض هذه المدارس مازال قائماً لكنه لم يعد يؤدي الدور الذي أنشيء من أجله.. وتحول خريجوه إلي مجرد حاملي شهادات.
كان هناك أيضاً مراكز التدريب المهني.. والمدارس الفنية النوعية.. ومدارس الإعدادية الزراعية والثانوية الزراعية.. والمدارس الثانوية الصناعية.. وهناك المدارس التي أقيمت في إطار مبادرة "مبارك ــ كول" لتخريج فنيين مؤهلين علي أعلي مستوي للتعامل مع التكنولوجيا الحديثة.. ناهيك عن تجربة المعاهد الفنية التي تم إفسادها بتحويلها إلي كليات للهندسة بين عشية وضحاها وبدون معايير.. مما أفقدها تميزها.
هذه التجارب السابقة التي لم تكتمل ولم تؤد رسالتها لابد أن تدرس جيداً لتجنب عوامل الفشل التي قضت عليها.. وحالت دون أن تقوم بالمهمة التي أنشئت من أجلها.
يقول الوزير ــ ومعه كل الحق ــ إن خريج المدارس الفنية لا يعرف القراءة والكتابة لأنه يتخرج في المرحلة الإعدادية بنفس الحالة.. وبالتالي فسوف يسعي لتعليم الطلاب القراءة والكتابة.. فلا يصح أن نتحدث عن عامل فني لا يجيد القراءة والكتابة.. ومن هذا المنطلق فسوف يكون من الأفضل أن يلتحق الطلاب بمدارس التدريب المهني بعد المرحلة الابتدائية مباشرة.. حتي تدخل مدارس التدريب ضمن مرحلة التعليم الأساسي.. ويكون خريجوها في مستوي الحاصلين علي الإعدادية.. ومن أراد أن يستكمل دراسته وحصل علي أعلي من 75% يلتحق بالثانوية الفنية.. ومن أراد أن يكتفي بالتدريب المهني ويعمل بشهادتها فله ذلك.
وبهذه المناسبة.. أرجو أن يفكر السيد الوزير في إعادة الإعدادية الزراعية التي ألغيت ليقدم لمصر عمالة زراعية متعلمة ومدربة.. ونقضي بها علي نسبة كبيرة من الأمية في المجتمعات الريفية.