الوفد
محمود غلاب
الطريق الوحيد- احذروا تراكم الغضب
تدخل الرئيس السيسى المستمر فى كل صغيرة وكبيرة، رغم المهام الثقيلة الملقاة على كتفيه، يؤكد تقاعس أجهزة الدولة عن القيام بواجباتها، فلو كانت وزارة الداخلية تصدت للقلة غير المسئولة من أمناء الشرطة التى أساءت إلى جهاز الشرطة بالكامل من وراء تجاوزاتها مع المواطنين، ما كان الرئيس استدعى وزير الداخلية ليذكره بأن مهمة الشرطة هى الحفاظ على أرواح المواطنين ويطالبه بضبط الأداء الأمنى.
طبعًا جاء تدخل الرئيس السيسى بعد أن اتسعت جرائم الأمناء على الراتق وكادت الأمور تفلت من يد وزارة الداخلية فى ظل تعاملها مع هذه الجرائم على أنها فردية، حتى تراكمت وأصبحت آلاف الجرائم الفردية، التى تنوعت من الاعتداء على شرف النساء إلى قتل الرجال وممارسة البلطجة وفرض الاتاوات والتعذيب وإجبار الشهود على تغيير أقوالهم، وكان يجب على وزارة الداخلية أن تعلم أن تصديها للأخطاء الفردية التى تقع من بعض أفراد دولة الأمناء الذين تعدوا الـ350 ألف أمين هو حماية لجهاز الشرطة نفسه، ولكنها تركت الأمناء يضربون بالقانون عرض الحائط وتحولوا من حماية أرواح المواطنين إلى قبض أرواحهم، ومن تأمين السيدات فى الشارع إلى التحرش بهن.
طبعًا الذى اعتبره جهاز الشرطة حوادث فردية تراكم أمام الرئيس السيسى لأنها تصب فى مكتبه مثلها مثل الشكاوى الأخرى التى يستقبلها يوميًا وكان من اللازم أن يتدخل لحلها، طالما جهاز الشرطة تقاعس عن الحل، وكان من الضرورى أن يحل الجهاز كل مشكلة، وكل واقعة تأخذ حقها، لأن الناس عندما خرجت تعترض على هذه التجاوزات هتفت ضد الشرطة بالكامل وليس ضد القلة المنحرفة من أمناء وأفراد أو حتى ضباط، والذى نخشاه بعدما حدث فى المطرية والدرب الأحمر وعزبة النخل، وآلاف الوقائع الأخرى التى أهدرت فيها كرامة الرجال والنساء أن تتحول العلاقة بين الداخلية والشعب إلى عداء وكراهية وتعود إلى ما كانت عليه قبل 25 يناير، بعد أن تحسنت عقب ثورة 30 يونية.
إن حلم إقامة دولة ديمقراطية مدنية حديثة كما تعهد الرئيس أمام مجلس النواب لن يتحقق إلا باحترام كرامة وآدمية المواطنين، لأن إهدار كرامة المواطن يؤدى بنا إلى دولة الخوف التى يتعالى فيها رجال الشرطة على المواطنين، ويتحولون إلى ذراع الدولة فى البطش.
لا ينكر الشعب الجهود التى يقوم بها رجال الشرطة فى الحفاظ على الأمن، ولا ينكر تضحياتهم من أجل الوطن، وسقوط حوالى 750 شهيدًا ما بين ضباط وأفراد برصاص الإرهاب، كل هؤلاء لهم التقدير، وستظل ذكراهم خالدة فى ضمير الشعب المصرى، ولكن ليس ذلك مبررًا للتجاوز فى كرامة وحقوق المواطن المصرى، لأن الذين يسيئون إلى المصريين عن طريق اساءة استخدام السلطة، يسيئون إلى ذكرى الشهداء أيضًا.
إن طلب الرئيس السيسى من وزير الداخلية اعداد تشريعات لضبط الأداء الأمنى وعرضها على البرلمان خلال 15 يومًا لعقاب المتجاوزين وإنصاف المظلومين من المواطنين، يؤكد أن هناك إرادة سياسية للحفاظ على الأمن فى اطار قانونى ودستورى، وربما يكون التشريع الذى يحتاج إلى تفعيل هو إعادة قانون المحاكمات العسكرية الذى تحول إلى محاكمات تأديبية فقط، وأن يكون العزل وجوبيًا وليس جوازيًا، ومساواة الضباط والأمناء فى حركة التنقلات، وإلغاء التوطين، واستبعاد المشبوهين، وعدم الاحتفاظ بالسلاح بعد الخدمة، وإعادة النظر فى مناهج كلية الشرطة، والانهاء التدريجى لوظيفة أمناء الشرطة، وإغلاق معهد الأمناء، وإعادة هيكلة الشرطة حتى يتحول الأمن إلى أمن المجتمع وأمن المواطن، واحترام حقوق الانسان وآدميته، بل إن منظومة العدالة بالكامل فى حاجة إلى تعديل، حتى تعد الكرامة حقًا لكل انسان كما جاء فى الدستور وعدم جواز المساس بها، وتلتزم الدولة باحترامها وحمايتها، إن التدخل فى الوقت الحالى وهو الوقت المناسب ضرورة، حتى لا يتراكم الغضب وتكون عقباه فادحة، وثمنًا باهظًا.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف