عباس الطرابيلى
هموم مصرية -المرتبات.. والإنتاج نقيضان!!
لا أحد يقبل المساس بمرتبات العاملين ـ وربما كان هذا الهاجس هو الذي دفع مجلس النواب إلي رفض قانون الخدمة المدنية.. وقالها النواب بكل صراحة.. لا يمكن أن نعود إلي قواعدنا الجماهيرية التي انتخبتنا ونحن نكون قد ارتكبنا هذه الجريمة، في حق الناس.. والموظفون هم أعلي الناس أصواتاً.. ولكن من حقنا أن نتساءل: وما هو المقابل الذي يحصل عليه الوطن بعد أن يدفع لهم المجتمع ـ هذا العام وحده ـ 218 مليار جنيه في بند المرتبات.. وهل يحصل الوطن علي انتاج حقيقي بمثل هذا الحجم لأن أي نفقات يجب أن يواجهها العائد المناسب.. وإلا فان الأمر يصبح كما لو أن الحكومة تلقي بأموال الشعب، في بحر بلا قاع.. أي لابد من عائد!!
<< أقول لكم.. أنا ـ قبل رئيس الحكومة ـ أقبل بعائد يصل إلي نصف هذه المرتبات، أي النفقات.. ولكن ذلك لا يحدث.. ونقولها بكل صدق إن النسبة الأكبر من العاملين بالدولة يعتبرون هذه الوظيفة الميري حقاً لهم.. وواجباً علي الدولة يحصلون عليه، حتي وان لم يعملوا. بل هناك من يعوق العمل الإداري ويؤخره، فضلاً عن أنه يعتبر هذه الوظيفة الميري ـ الشيء الثابت المضمون ليحصل علي الراتب آخر كل شهر. ولهذا يعمد أكثرهم إلي عمل إضافي يحسن به دخله. أي يعمل في أي عمل بجانبه بعد أن ضمن التراب الميرى.
وتخيلوا لو أن الموظفين قدموا انتاجاً يعادل نصف ما يحصلون عليه من راتب.. تخيلوا، كما كان يحصل عليه الوطن.. ولكن النتيجة غير ذلك تماماً.. بدليل أننا نصدر فقط بما يساوي 30 مليار دولار في السنة.. بينما نستورد بما يعادل 80 مليار دولار - والسبب انهيار الانتاج القومي.. مقارنة بما نستهلكه.. وهذه الكارثة لم تكن بهذا الحجم قبل 5 سنوات..
<< نعم.. أكد المهندس شريف اسماعيل رئيس مجلس الوزراء في حديثه معنا علي «عدم المساس بحقوق العاملين» وان ما يهم الآن هو هذا المواطن البسيط، الانسان الفقير.. ولكن ماذا تفعل الحكومة وهي جادة في الإصلاح؟! كيف نحميه من خطوات الاصلاح التي قد يراها البعض مؤلمة ـ وهي كذلك ـ كيف نصلح ما أعوج من سلوكيات، ليس فقط في الانتاج.. والأكثر غرابة في الاستهلاك.. بما أثر سلبياً علي معدلات التضخم. كيف؟ «يضيف رئيس الوزراء: نضع برنامجا اصلاحيا شاملاً يمتد إلي كل مصر من بنية أساسية. وخدمات. وطرق وفرص عمل واضعين في اعتبارنا اعتبار أن العدالة الاجتماعية أمر في غاية الأهمية ويؤثر علي مصداقية الدولة» ويعترف رئيس الوزراء بالتحديات الكبيرة جداً.. والصعبة جداً.. تحديات لها علاقات وثيقة بالأمن القومي تحديات تتصل بالمواطن مباشرة.. مثل البطالة والتضخم وهذه لها أولويات في خططنا..
<< وأحسست بالمرارة ـ عند هذه النقطة ـ في حديث المهندس شريف اسماعيل وبالذات عندما تطرق إلي التحديات التي تواجهه من أجل الاصلاح الإداري.. ومن أجل مواجهة الفساد الذي انتشر في كل أرجاء الدولة وتساءل: هل نملك رفاهية إضاعة الوقت.. أم نحن في صراع حقيقي مع الزمن.. ثم ونحن نواجه عامل الأمن. أي نحن مطالبون بقبول التحدي الكبير بين تنفيذ هذا الاصلاح بأسرع فترة زمنية و في نفس الوقت يكون لها الجانب الملموس، وهنا أكد رئيس الوزراء أن البرلمان ليس خصماً للحكومة.. بل داعماً للحكومة وهو من أهم دعامات الدولة..
وعندما قلت لرئيس الوزراء: لماذا تتأخر انتخابات المحليات؟ تنهد المهندس شريف اسماعيل وهو يعترف بما قلت بأن المحليات هي قلب الداء.. وأس البلاوي.. قال: أتمني وأعد أن تجري هذه الانتخابات المحلية قبل ما تم نشره، أي أن تجري في أوائل العام القادم خصوصاً وهناك ثلاثة ملايين موظف يعملون في هذه المحليات كم يقبضون من الدولة ـ وهنا أضفت: وكم يحصلون عليه تحت الطاولة أي في الدرج الشمال؟! وأصبحت الرشاوي هي الأسلوب الأكثر شيوعاً في هذا القطاع.. وأضفت هنا: بل لابد من اعادة النظر في كل القوانين والتشريعات التي تتعامل مع المحليات، حتي ولو اضطرت الدولة إلي البداية، من أول الطريق.. لأن هذه المحليات هي واجهة الحكومة علي الشعب، في القري والنجوع.. إذا صلحت صلح نظام الحكم كله.. وهي معهد التدريب الأساسي علي ممارسة الديمقراطية.. وسط الناس.
<< وسألت رئيس الوزراء: أين تذهب مساعدات الأشقاء.. وأيضاً قروض الأصدقاء.. وقلت إياكم ـ والنبي ـ ووضع كل ذلك في بند سداد أو توفير مرتبات العاملين.. فماذا قال رئيس الوزراء؟
غداً نواصل