في 8 مارس عام 1955 كتب الراحل خليل عبدالكريم مقالاً في جريدة "الأهالي" وتحديداً في صفحة "الرأي" عنونه كاتبه. إذن متي وكيف يتم تجديد الفكر الديني واستطرد قائلاً: فزع فزعا شديدا الأستاذ محمد زايد أحد نواب رئيس التحرير علي صفحة اهتمامات الناس بجريدة "الأهرام" ان صديقاً أخبره ان مسلما تزوج من مطلقة بعد اسبوع واحد من طلاقها بعد أن كشفت عليها طبيبة وأكدت لهما خلو رحمها من أي جنين وانتهي الاستاذ خليل إلي موافقته علي هذا الطرح من باب ان التربص في آية "والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء" المقصود منه هو التأكد من براءة الرحم وبالتالي لا داعي للتعنت أو الانتظار؟؟ وانتهي في مقاله انه كم نادي مرارا وتكرارا بتجديد الفكر الديني فقد أصبح ضرورة وعلي الذين يقفون في وجهه أن يكفوا عن معاكساتهم وقد أثار هذا المقال حالة من اللغط وكنت ممن تصدوا علي صفحات الأهالي لفكر الرجل الذي عرف بشطحاته ومجاهرته لاسيما إذا تعلق الأمر فيما هو معلوم من الدين بالضرورة وكان مقالي عفوا الأحكام الشرعية لا تخضع للتحديث.
وكان ردي ان الحكم في آية التربص توقيفي من باب "ولا تقف ما ليس لك به علم" فالصلاة مثلا فوق انها تعبدية إلا ان سمو غاياتها يخرج عن دائرة دراية الخلق فلا يجوز البتة الزيادة في ركعات الصبح إلي ثلاث بحجة قدرة الإنسان علي ذلك. زد علي ذلك ان العلوم التجريبية بوسائلها الحديثة من صنع البشر والعقل البشري يعتريه السهو والنسيان فربما أخطأ الطبيب وقد تخطأ الوسيلة فيتعذر الإدراك وتكون الثمرة الحتمية اختلاط الأنساب كما ان الحكم الشرعي كما أخبر الأئمة الإعلام أقلة ستة أشهر وأغلبه تسعة وأكثره أربع سنوات فربما كانت النطفة دفينة رحم المرأة ومن ثم يتعذر الوقوف علي حقيقة الحمل ولا يغيب عنا ان من بديهيات حق الزوجة المكث في بيت الزوجية وقت العدة فربما يكون ذلك سبيلاً لتصحيح الأمور والعودة إلي الحياة الأولي كما ان النفس البشرية امارة بالسوء فربما يكون التشخيص خاضعاً لضغوط مادية أو معنوية فيكون ذلك مدخلاً لاختلاط الأنساب وتعطيل حكم شرعي توقيفي.. غير ان ما شغلني فعلا هو ما جاء بمقال الكاتب الراحل عندما انفرد بالرد علي شخصي الضعيف.. وكانت قولته ولم التخوف وربما أراد الرد علي من قالوا وما مصير الآية الكريمة. إذ قال ان الآية في المصحف ستظل معززة مكرمة نقرأها ابتغاء مرضاة الله للحصول علي الأجر ونسأل الحسنات بعدد حروفها المبروكة هكذا قال.. أردت بمقالي هذا استرجاع الماضي وكيف ان التجديد كلمة حمالة للأوجه فما أريده أنا من تعلم في الأزهر وتشرب الاعتدال قد لا يريده غيرنا والبون شاسع بين تجديد الفكر وبين هؤلاء الذين يتجرأون علي الأصول والثوابت وقد رأينا منهم من يخوض في أحكام هي من الثوابت بمكان وعندما يتصدي لهم أهل العلم تراهم يتباكون انها المصادرة وتكميم الأفواه والله من وراء القصد.