الوطن
نشوى الحوفى
ديكتاتورية القانون وسيادته.. الخروج من عنق الزجاجة
هل نعانى أزمة فى بلادنا؟ بالطبع نعانى أزمات لا أزمة واحدة. هل يتآمرون علينا فى الخارج؟ بالطبع كان فى الماضى وما زال فى الحاضر وسيستمر فى المستقبل، إنه قانون قابيل وهابيل منذ بدء الخليقة. هل نحن على الطريق الصحيح؟ بالطبع، فقد منّ الله علينا بستر البلاد والعباد فى وقت تتهاوى فيه البلاد حولنا، ولكن هذا لا يكفى لـ«تحيا مصر»، بل ينقصنا الكثير للقيام به وليس لدينا رفاهية الوقت أو التجربة أو الخطأ. ولو أكملنا بفكر المؤامرة وحده فلن نصل للنتيجة التى نتمناها ونكافح من أجلها، وربما قدمنا لمن يتآمر علينا وسائل تدمير ذاتية توفر عليهم تكاليف القضاء علينا. ودعونا نبدأ بالحديث الأزمة.. الدولار.

نعم لدينا أزمة دولار، وهى ليست الأولى ولن تكون الأخيرة. نعم زاد سعر الدولار فى السوق السوداء عن السعر الرسمى بنحو 120 قرشاً رغم جهود السيطرة عليه والتى شملت الكثير من الإجراءات الحكومية ومنها حل مشاكل المستوردين للخامات التصنيعية والسلع الأساسية ورفع الحد الأقصى للإيداع النقدى للدولار من 50 ألفاً لـ250 ألف دولار شهرياً وكذلك إلغاء الحد الأقصى للإيداع اليومى النقدى للشركات المصنّعة فى مصر فى مجال التصدير إلى مليون دولار. بالإضافة إلى قرارات البنوك الرسمية فى مصر وضع حد للسحب النقدى من خلال كروت الدفع خارج مصر بعد رصدها استخدام البعض لهذه الكروت فى عمليات متاجرة خارج البلاد. ولكن تلك الإجراءات لن تحل الأزمة فى ظل تراجع تحويلات المصريين فى الخارج وفى ظل أزمة السياحة الحادة. دعونا نتفق أن الأزمة ليست فى ارتفاع سعر الدولار على الإطلاق -كما يقول الجُهال فى الفضائيات كل ليلة- فروسيا على سبيل المثال التى يقدر احتياطيها النقدى بنحو 300 مليار دولار تبلغ قيمة الدولار فيها نحو 65 روبل، ولكنها دولة قوية عسكرياً وسياسياً واقتصادياً. لماذا؟ لأنها دولة منتجة تنتج وتزرع وتصنع وتصدّر وتدّخر. لكن مشكلتنا تتمثل فى غياب التصنيع والإنتاج وترشيد الاستهلاك وتشغيل البشر.

علينا التسليم بأن الإصلاح الاقتصادى لأى دولة هو قاطرة الإصلاح فى شتى المجالات، ودعونا نتفق أننا حققنا بعض التقدم، كما تشير التقارير الدولية، كما فى تقرير الهشاشة والفشل السياسى الذى جاء ترتيب مصر فيه فى نهاية 2014 فى المركز 38 بنحو 90 نقطة. وهو ما يمثل مؤشراً على التحسن بعد حصولنا على 90.4 فى نهاية 2011 ثم حصولنا على 91 نقطة فى نهاية 2013. نعم حققنا بعض التقدم، ولكن بلادى ما زالت فى قائمة الدول الأكثر هشاشة تحيط بها علامات التحذير من الخطر فى مجالات الخدمات والفقر والشفافية والأمن وسيادة القانون. إذاً نحن بحاجة إلى الكثير من الخطوات الجادة على كافة المستويات -وليس على مستوى مكافحة الإرهاب أو توفير السلع اليومية وحسب- ولكن على مستوى أبعد من ذلك لنتمكن من عبور الأزمة الطاحنة التى تُفرض علينا وبات جزءاً منها تضييق خارجى علينا لنخضع وننبطح للقرار الدولى. ولكن علينا ألا ننسى أن جزءاً من الأزمة نابع منا بمساهمة غير خافية من فساد تغلغل فى النفوس بالقانون واختيار محدودى الفكر والإمكانيات لأداء المهام لمجرد انتمائهم لأهل الثقة. وهو مفهوم تخلصت منه أمم قبلنا حينما أرادت تحقيق فعل الصعود، فليس بالثقة وحدها تتحقق المعجزات.

يبقى السؤال.. ماذا نحتاج إذاً اليوم؟ نحتاج لخطة تشغيل تبدأ بالأمس وليس اليوم ندفع فيها الغالى والرخيص ونقدم لها كل الإمكانيات حتى لو كان المطلوب دماءنا. فلن يأتى لنا مستثمر ومصانعنا مغلقة، ولن تُحل أزمة الدولار بإجراءات المركزى والقروض والمنح، ولن نتخلص من البطالة التى بلغت نحو 12% بالضرائب ورفع الدعم، نعم نحتاج للعمل والإنتاج 24 ساعة فى 24 ساعة، لا نحتاج لقوانين استثمار بقدر حاجتنا لمناخ استثمار جيد يعرف فيه الجميع قيمة العمل وتسهيل العقبات للمستثمر وقطع يد كل فاسد يسىء لسمعة مصر ويضيع عليها فرص الاستثمار بفساده أياً كان، نحتاج لديكتاتورية القانون الذى يُفرض على الجميع حتى يصير الخلق عادة والالتزام طبيعة والضمير صاحباً بحكم ديكتاتورية القانون الذى لا يفرق بين غفير ووزير ويعرف قيمة سيادته.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف