الوفد
عباس الطرابيلى
هموم مصرية -مساعدات الأشقاء.. أين تذهب؟
رئيس الوزراء ـ المهندس شريف إسماعيل ـ تحملنا بأسئلتنا.. وأحياناً بتجاوزاتنا.. ولكن ابتسامته شجعتنا ـ ونحن نحاوره عصر الخميس الماضى.. من ذلك عندما قلت: إياكم ووضع مساعدات الأشقاء «السعودية والإمارات والكويت.. وكذلك قروض الأصدقاء، فى بلاعة بند مرتبات العاملين فى الدولة.. وأنصح، وأنا صحفى مهتم بالاقتصاد وأوجاع الاقتصاد بأن يتم وضع كل ذلك فى نوعية من المشروعات.. الأولى مشروعات سريعة العائد أى تنتج فى أقصر مدة ممكنة حتى نتمكن من أن نرد بعض هذه المساعدات.. أونرد ـ على الأقل الفوائد التى يمكن أن تعرض علينا.
والثانية.. مشروعات كثيفة العمالة، حتى نتمكن من امتصاص نسبة أكبر من العاطلين، وهى مشكلة نتمنى تخفيضها حتى لا تكون من أسباب الانفجار إذا وقع لا قدر الله.
<< وكان رد رئيس الوزراء حاسماً. بل وارتفع صوته وهو يقول: أبداً لن تدخل هذه المساعدات أو الأجور فى بند المرتبات.. بل ومباشرة فى المشروعات التى يحتاجها الوطن، وبالذات المشروعات التى تحد من تصاعد حجم الاستيراد.. وتزيد من حجم صادراتنا.. خصوصاً وأن عجز الميزان التجارى ـ أكبر عقبة فى رأيى ـ تواجه عمليات الإصلاح الاقتصادى.
<< وهنا قلت: هل نعرف لماذا لم تعد مصر تحصل على ما تراه طبيعياً فى فرص العمل فى الدول العربية، والبترولية بالذات!! قلت بسبب بسيط أن هذه الدول «كانت» تحتاج فى بداياتها إلى المهندس والطبيب والمدرس إذ لم يكن معظمها يملك العدد الكافى من هذه الفئات.. إلى أن تمكنت من إعداد المطولبين.. من بين أبنائها.. وبالتالى انخفض الطلب على أصحاب هذه الفئات من مصريين وغيرهم.
ونحن لم نفهم ذلك جيداً.. أما الدول «المصدرة للعمالة» إلى دول الخليج وفى مقدمتها الهند وباكستان وبنجلاديش وحتى الفيلبين فقد فهمت تغير طبيعة طلبات أبناء الخليج.. فانطلقت هذه الدول تعد وتقوم بعمليات تدريب وتأهيل أبنائها على «المهن الصناعية» يعنى على فئة العاملين «الأسطوات» من أعمال صحية وكهرباء ومحارة ونجارين وممرضين، وتدفع بهم ـ وبأسعار أقل منا ـ الى دول الخليج.. وهكذا سيطرت هذه الدول عل معظم أسواق العمل هناك.. بهذه الفئة من الخبرات الفنية ـ بين العمال اليدويين ـ والمهندسين.. وما فى مستواهم.
فلماذا لا نقوم بإعادة تأهيل وتحويل صغار السن من موظفى الجهاز الإدارى ليصبحوا «أسطوات» وعمالة فنية مطلوبة هناك.. وأجورهم عالية للغاية، بل يحصلون على أكثر من المهندسين والأطباء.. وصدقونى فيما أقول.. وهز رئيس الوزراء رأسه اقتناعاً بهذه الفكرة منى.
<< أيضاً ـ قلت فى هذا اللقاء ـ نرجو ألا يتحمل الجيل الحالى وحده أعباء فاتورة الاصلاح الاقتصادى.. فقد تحمل هذا الجيل منذ سنوات الكثير.. كما تحمل أعباء ثورتين جارفتين.. وكفى ما عاناه من خلل أمنى رهيب بسبب إصرار الإرهاب على تدمير هذا الجهاز وبالذات فى يناير 2011 وحتى ما بعد ثورة 30 يونية.. أى تتم عملية تحميل الأعباء على أكثر من جيل.
نقول ذلك ونحن نتوقع إجراءات قد تبدو عنيفة.. وان كانت فى حقيقتها ضرورية.. وكم نتمنى أن تواجه الدولة تصاعد حجم النفقات الى 864 مليار جنيه.. دون تزايد فى الإيرادات العامة للدولة.
وعندما تطرق الحوار الى بطء تنفيذ الأحكام.. تلقفت الكلام وتساءلت: وماذا عن جهاز تنفيذ الأحكام.. خصوصاً وأن جهاز الأمن يرى أن من الخطورة «الإلحاح» على تنفيذها.. هنا تحدث رئيس الوزراء عما يتعرض له جهاز الأمن من أعباء تتمثل فى مواجهة ومحاربة الإرهاب.. وحجم ما تعرض له جهاز الأمن من عمليات.. وكم سقط من رجاله.. وأضاف أنه كرئيس للوزراء يوافق فوراً على صرف معاشات استثنائية لشهداء الأمن.. بل وتدمع عيناه كثيراً، وهو يوقعها احتراماً لمن ضحى بحياته من أجل أن يؤمن للبسطاء.. الحياة الآمنة.
<< ورغم أن الدولة تتحمل الكثير من خلال ما تقدمه من دعم للمواطن فإن رئيس الوزراء أكد أننا لن نمس هذا الدعم.. لأن ما يهمنا هو حماية هذا المواطن البسيط.. ومع اعترافنا بضرورة مواجهة الخلل المالى الا أن الحكومة تتمسك بحق هذا المواطن البسيط فى مساعدة الدولة له.. وهنا تدخلت قائلاً: مع ضرورة إقناع الناس بضرورة زيادة الإنتاج.. وتحمل الكثير مما هو متوقع من إجراءات اقتصادية متوقعة.. خصوصاً وأن هذا المواطن البسيط يتعجل الاستفادة مما يمكن أن تقدمه الدولة.
ولكن كيف تفكر الحكومة لمواجهة العجز المالى، سواء لتلبية أجور العاملين.. أو للحد من عجز الميزان التجارى، أى الفارق بين ما نستورده وما نقوم بتصديره.. وهذا حديثنا القادم.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف