نشوى الحوفى
تحيا مصر رغم فساد شعب مصر
أكملوا صراخكم وتعلقكم بالزور من القضايا والمناقشات. واصلوا نضالكم على مواقع التواصل الاجتماعى وأمام كاميرات الفضائيات. أكملوا فشلكم وغياب رؤاكم فى التطوير فى مكاتب المؤسسات والوزارات، ولا تنسوا الظهور الليلى بتصريح وبيان وتعليق وصورة تكمل ملامح الأبهة والشو للسيد المسئول. أكملوا اجتماعات المجالس والنقابات والاتحادات وأفرغوا فيها طاقات الكلام الحبيسة وبحثكم الدائم عن مُسمى تعلقون فيه ذواتكم التائهة فى فراغ عدم العطاء للحياة. تنافسوا على ملايين الإعلانات وإياكم والتفكير فى قيمة المضمون ومسئولية الكلمة ولحظة لقاء الله فهذا عبث المعقدين. استمروا فى الشكوى على المقاهى وأمام الشاشات الفارغة وعودوا لمنازلكم وأكملوا حياتكم دون أى إنجاز فى الحياة. علقوا فشلكم وفسادكم وخيبتكم على الحكومة والمجتمع والبلد والظروف واختلقوا المبررات حتى لو رفضها المنطق والضمير والدين. العنوا الفساد المُمارَس ضدكم ثم مارسوه على غيركم ولا تنسوا تذييل فعل الفساد بعبارة «ارحمنا يا رب».
انهشوا فى لحم البلاد أكثر ولا تمسحوا آثار الدماء من على وجوهكم وأيديكم ودعوا الدم شاهداً على ما تفعلون بوطن بقى لنا سنداً وأرضاً وحاوياً رغم طعنكم له. إياكم أن تفوّتوا أى حلقة من حلقات التغييب والتشويه والتجهيل المستمرة كل ليلة حتى تجدوا ما تعلقون عليه فى الصباح التالى وتتجادلون فيه، لتمنحوا من ترفضونهم قيمة الإعلان المدافع عن وجودهم ومانحهم الأصفار الستة. أكملوا تجارة الدنيا والدين، وارتدوا عباءات وعمم التدين الزائف واخرجوا على الشاشات تعنعنون فى وصف الأسانيد واخرجوا واقبضوا العطية لتحيوا فى قصور المترفين. احبسوا كل مخالف فى رأى أو فكر ولا تواجهوه بالحجة ولا تجادلوه بالعلم فتلك أسانيد فارغة، ولا تصدقوا من يقول لكم إن الله الخالق قبل نقاش إبراهيم وأسئلته ليمنح قلبه الاطمئنان. واصلوا النفخ فى الكير وأحرقوا بلادكم بأيديكم وتذكّروا ما تفعلون فعليه ستُسألون.
نعم يا سادة، أكملوا ضلالكم والعنوا فساد الشرطة وأسقطوها وادّعوا بناءها من جديد، ثم أكملوا المسيرة واقضوا على جيشكم بأيديكم، لا تنتظروا «بريمر» الأمريكى ليُسرّحه كما فعل فى العراق. أنكروا حاجتنا لإصلاح وتطوير منظومة الأمن وأكملوا بعنادكم فما أحلى الحياة بعناد. ألقوا تهم الفساد والإفساد على غيركم بالسبابة وتجاهلوا الأصابع الثلاثة التى تشير لكم. نادوا بالثورة وتجديدها وادّعوا استمرارها، وأسقطوا كل نظام وأى نظام، فما أحلى الفوضى والعبث والعشوائية والجدال والانقسام وادعاء الدفاع عن المصالح. أكملوا مسيرتكم ولا تنظروا لمن حولكم وما يحيط بكم وأمعنوا النظر لذواتكم فى المرايا المقعرة أو المحدبة فهى لن تمنحكم صورة حقيقية لحجمكم فى الحياة. جاملوا فى الباطل واستبعدوا الحق وادعوا ما ليس فيكم من خصال ليكتمل وهمُ المشهد.
انسبوا المواطنة للبعض القادر على مهاجمة البعض الآخر وانزعوها عمن بيده القرار ومن يدير الوطن وكأن المسئول ليس بمواطن. واقصروا الفساد على المسئولين وكأن الفساد لا يعرف صغار الموظفين، وكأن مخالفة قواعد المرور ليست بفساد، وكأن إغفال الضمير فى أداء المهنة بما يرضى الله ليس بفساد، وكأن تقاعسكم عن أداء الواجب ليس بفساد، وكأن تكاسلكم عن فعل الحق والخير والجمال ليس بفساد. وكأن إهمال تربية الأبناء على القيم ليس بفساد، وكأن إعادة إنتاج المتلونين ليست بفساد.
أكملوا مسيرتكم يا شعب مصر ضد مصر، لا تستمعوا لصوت عقل ولا أنّات ضمير ولا حديث منطق. فالعيش فى العبث والفوضى والضلال ألذ ألذ ألذ. عيش سهل بلا مسئوليات ولا واجبات يجعلكم جميعاً أبرياء بينما تتناوبون البحث عن الجانى المجهول.
قد تنزعجون من حديثى وتغضبون من كلماتى، ولكن دعونى أرددها عليكم وإن كرهتم الحقيقة.. تحيا مصر رغم فسادكم.