كلام يرقى إلى مستوى النكتة التى تهلك من الضحك قاله لواء الشرطة السابق محمد نور الدين للمحامى والناشط السياسى محمد مالك. اللواء اتهم المحامى بأنه كان مخبراً لجهاز أمن الدولة قبل ثورة 25 يناير، وكان يقدم المعلومات للجهاز نظير مقابل مادى، وله ملف كامل يثبت الاتهام. جاء ذلك فى لقاء جمع كلاً من اللواء والمحامى فى حلقة الأحد من برنامج العاشرة مساء، الذى يقدمه الإعلامى وائل الإبراشى.
تابعت جانباً من الحوار الذى دار بين الطرفين حول أداء الشرطة، والذى أكد فيه اللواء أن الإعلام والناشطين السياسيين وبعض مؤسسات المجتمع المدنى يسعون إلى تشويه صورته، فى حين كان رأى المحامى أن الأداء يشوبه الكثير من العوار، وأن ثمة محاولة لإحياء الدولة القمعية من جديد. بدا اللواء عصبياً أمام ما يقوله «مالك»، وكال له العديد من الاتهامات، توّجها بـ«الاتهام النكتة» الذى يدمغ فيه المحامى بتهمة العمل كمخبر لأمن الدولة قبل ثورة يناير!. وجوهر النكتة أنها جاءت على لسان لواء شغل فيما سبق منصب مساعد وزير الداخلية، لأنها تعنى ببساطة أنه يرى أن عمل البعض كمخبرين لأمن الدولة سُبّة وعار يلحق بصاحبه، رغم أن «الأمنجية» فى عرف المسئولين الشرطيين هم المواطنون الشرفاء الذين يتآزرون مع الجهاز ضد كيد الكائدين وتآمر المتآمرين!.
وبمناسبة الحديث عن المتآمرين، أليست هناك قناعة لدى اللواء «نور الدين» وغيره أن ما حدث فى 25 يناير كان مؤامرة لهدم الدولة المصرية، وأن جوهر هذه المؤامرة برز يوم 28 يناير، عندما بان أن المتآمرين يضعون أعينهم بالأساس على وزارة الداخلية؟!. لو سلمنا بكلام اللواء فعلينا أن نتساءل: لماذا لم يقم هؤلاء المواطنون الشرفاء بدورهم فى نقل تفاصيل المؤامرة إلى جهاز أمن الدولة حتى يستبق الأمور ويتخذ من الخطوات والإجراءات ما يحمى الدولة ووزارة داخليتها منها؟ نجاح الثورة فى الإطاحة بـ«مبارك» يعنى أن جهاز أمن الدولة لم يكن يحسن تشغيل «الأمنجية»!.
واضح أن المساعد الأسبق لوزير الداخلية يرى أن الربط بين اسم أى شخص وبين جهاز أمن الدولة يعنى إساءة بالغة له، خصوصاً إذا كان هذا الشخص يحاول أن يلعب دور الزعيم أمام المواطنين. يمكنك أن تستخلص ذلك بسهولة من جانب من كلام اللواء نور الدين، حين صرخ فى وجه «مالك» قائلاً: «إحنا عارفين أصلك وفصلك، كنت مخبر فى أمن الدولة، دلوقتى هتعمل فيها أحمد عرابى، لما كانت الغلبة فى إيد أمن الدولة كنت راجل أمن الدولة وتحت رجليهم، ودلوقتى لما الشرطة بدأت تترنح هتعمل فيها أحمد عرابى». وأضاف: «أقدر أجيب كشوفاتنا فيها المصادر السرية، وعندى رقم البطاقة والفلوس اللى كان بياخدها»، ليرد عليه «مالك» قائلاً: «عمرى ما كنت كده».
إنها نكتة لطيفة أن يحمل اللواء نظرة سلبية إلى جهاز أمن الدولة، ويدّخر ذلك كورقة أخيرة تُستخدم عند اللزوم لتشويه من يدعون البطولة أو الزعامة، فى حين يلعبون أدوار المخبرين والمبلغين عن زملائهم، كما زعم اللواء. جانب الرحمة فى المشهد المعقد الذى نعيشه الآن يرتبط بالمكاشفة التى تدفع لواءات الداخلية إلى وصم من يكايدهم بوصف «الأمنجية»!.