الوفد
محمود غلاب
الطريق الوحيد- برلمان المصطبة
من عادتى قراءة ما ينشر فى الصحف عن جلسات مجلس النواب، وهى عادة قديمة استمرت معى منذ أن كنت محررًا برلمانيًا لأستخلص من هذه القراءة المستخبى وسط السطور عن أداء النواب الذين اقسموا بأن يحترموا الدستور والقانون، ويرعوا مصالح الشعب رعاية كاملة لأتأكد إذا كانوا راعوها فعلاً أم كلام مصاطب، على رأى عمنا عثمان أبوزيد الذى كان يكتب عن برلمان المصطبة.
واكتشفت وأنا أقرأ صحف أمس الأول عن الجلسات التى شهدت قبول استقالة النائب سرى صام ومناقشة قضية دولة أمناء الشرطة، وتقرير لجنة اللائحة أن مجلس النواب لم يزد عن أنه برلمان مصطبة، ما يدور فيه مجرد فضفضة، وظاهرة صوتية لا أكثر رغم الآمال التى كانت معقودة عليه فى أن يكون صوت الناس المظلومة، والمقهورة، والتى تداس تحت نعال باشوات الداخلية الأمناء وليس الضباط.
والمعترض على رأيى المتواضع يخبرنى ماذا فعل مجلس النواب بعد مناقشة أزمة الدرب الأحمر، طبعًا ولا شىء، خرجت من القراءة أن الدكتور على عبدالعال رئيس مجلس النواب أناب عن وزير الداخلية فى الرد على النواب المنفعلين والذين طلبوا إلقاء بيانات عاجلة خارج جدول الأعمال قال عبدالعال: إن الحديث عن هذه الفئة القليلة ويقصد أمناء الشرطة المتجاوزين لن تؤثر من قريب أو من بعيد فى الدور الهام والفعال لرجال الشرطة الذين نكن لهم كل التقدير والاحترام.
النواب تلخصت مطالبهم فى هيكلة الشرطة، ووصفوا جريمة الدرب الأحمر بأنها عمل إجرامى، واقترحوا إجراء اختبارات نفسية للأمناء وحذروا من تحولهم إلى ألتراس يشكل خطورة على الدولة، وهذا الكلام لم يزد عما يتردد فى الاعلام طوال الأيام السابقة.
اللافت للنظر أن الحكومة غائبة عن هذا المولد، وكأن النواب يحدثون أنفسهم، ورئيس المجلس يرد عليهم ويقول إن جميع نواب مصر يقدرون رجال الشرطة، والنواب يتساءلون أين وزير الداخلية ورئيس شئون مجلس النواب غائب أيضًا.
الغريب أن النواب خلصوا كلامهم عن جرائم الأمناء، ولم يعلن الدكتور عبدالعال قرار المجلس فى هذه المناقشات، وانتقل إلى موضوع آخر.
وهنا أقول إن مجلس النواب سقط فى أول امتحان فى مادة الرقابة، وكان من الواجب أن يطلب من الحكومة القاء بيان عن جريمة الأمناء أمام مجلس النواب، وإذا لم يكن وزير الداخلية حاضرًا فى الجلسة، وكان من المفترض أن يكون موجودًا، فعلى الأقل أن يلقى البيان وزير شئون مجلس النواب، احترامًا للسلطة التشريعية التى تمثل الشعب، واحترامًا للشعب نفسه الذى تحول إلى فريسة للأمناء.
الشعب كان يريد أن يسمع وزير الداخلية تحت قبة البرلمان يعلن اعتذاره له عن جرائم بعض الأمناء الذين تحولوا إلى بقعة سوداء فى ثوب جهاز الشرطة، الوزير مشكورًا اعتذر فى مؤتمر صحفى عن جريمة الدرب الأحمر، وقال إنه يقبل رأس أى مواطن تعرض للاعتداء ولكن كان من الواجب أن يقول هذا الكلام فى بيت الشعب من خلال رده على النواب.
هناك تقليد كان يطبقه وزير الداخلية فى السابق وهو ألا يذهب إلى مجلس الشعب، ولم يلب دعوات رئيسه وكان يرسل مندوبًا من الوزارة للرد مكانه، ووصل الأمر إلى قيام رئيس المجلس بالشكوى إلى رئيس الجمهورية حسنى مبارك ضد الوزير، وقال رئيس المجلس بعد الشكوى: إن وزير الداخلية قرر معاقبته وقام بتخفيض الحراسة التى كان يخصصها له لمضايقته حتى يثبت له أنه أقوى منه، لا اعتقد أن وزير الداخلية يقصد مقاطعة المجلس، ولكن كنا نريد أن نراه يتحدث إلى الشعب من تحت قبة برلمانه، ليواسى الذين اهانتهم البدلة الميرى؟
هل سيدعو الدكتور على عبدالعال الحكومة لإلقاء بيان عن جرائم الأمناء، هل يستجيب وزير الداخلية للدعوة؟ أم سيغلق هذا الملف أم سيحال إلى لجنة خاصة لبحثه ووضع الحلول لهذه القضية الخطيرة بالاشتراك بين البرلمان والحكومة. هل سيحضر وزير الداخلية مناقشة مشروعات القوانين التى طلب الرئيس السيسى عرضها على البرلمان؟
هل دافع النواب عن حقهم فى طلب حضور الوزير؟ هل ما يحدث فى المجلس يعتبر مثل الأذان فى مالطا؟
هل نرى برلمانًا حقيقيًا أم سيستمر برلمان المصطبة؟
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف