العهد القديم لم يتكلم بوضوح عن عذاب في القبر أو عذاب قبل عذاب الآخرة، وإن كنا نجد في بعض النصوص اليهودية غير الكتابية المتأخّرة (القرن الأول بعد المسيح)، تلميحًا إلي إقامة مؤقتة في الجحيم لبعض الخطأة غير الكفّار، وهو أقدم نص يقابلنا يشير ضمنا لعذاب أو شيء ما يقع داخل القبر بعد الموت مباشرة، وقد جاء هذا النص في (2مكابيين 12 / 39 ــ 46) الذي يتكلّم عن الصلاة لأجل الموتي لكي يغفر لهم بعض الخطايا: «وفي الغد جاء يهوذا ومن معه علي ما تقتضيه السنة ليحملوا جثث القتلي ويدفنوهم مع ذوي قرابتهم في مقابر آبائهم، فوجدوا تحت ثياب كل واحد من القتلى أنواطا من أصنام يمنياً مما تحرمه الشريعة علي اليهود فتبين للجميع أن ذلك كان سبب قتلهم، فسبحوا كلهم الرب الديان العادل الذي يكشف الخفايا، ثم انثنوا يصلون ويبتهلون أن تمحي تلك الخطيئة المجترمة كل المحو، وكان يهوذا النبيل يعظ القوم ان ينزهوا أنفسهم عن الخطيئة اذ رأوا بعيونهم ما أصاب الذين سقطوا لأجل الخطيئة، ثم جمع من كل واحد تقدمة فبلغ المجموع ألفي درهم من الفضة فأرسلها إلي أورشليم ليقدم بها ذبيحة عن الخطيئة، وكان ذلك من أحسن الصنيع واتقاه لاعتقاده قيامة الموتي، لأنه لو لم يكن مترجيا قيامة الذين سقطوا لكانت صلاته من اجل الموتي باطلا وعبثاً، ولاعتباره ان الذين رقدوا بالتقوي قد ادخر لهم ثواباً جميلاً، وهو رأي مقدس تقوي ولهذا قدم الكفارة عن الموتى ليحلوا من الخطيئة».
هذا النص يتكلم عن ذبيحة يهوذا المكابي وجماعته عن اليهود الذين سقطوا في الحرب مع أنطيوخوس الرابع الذي دنس الهيكل، وفيه يتضح ان الذين ماتوا كانوا مؤمنين وليسوا كفاراً، لكنهم أخطأوا بحمل الأصنام، فدعا يهوذا إلي الصلاة من أجلهم، أملا في ان تخفف الصلاة والذبيحة عنهم عقاب هذه الخطيئة، أو ربما قد تمحوا عنهم وتطهرهم من هذه الخطايا الصغيرة، قبل هذا التاريخ تحدثت التوراة عن الجحيم أو الشيول (Shéol) وهو مقر الأموات، وحسب الموسوعة اليهودية ودائرة المعارف الكتابية، الشعب العبراني كان يتصور أن بقاء الأموات في العالم الآخر أشبه بظل للوجود، عديم القيمة وبدون فرح، فالشيول أو الجحيم هو بالتالي الإطار الذي يجمع تلك الظلال، إنّه أشبه بقبر، فجوة، جب، حفرة (مزمور 30 / 10 حزقيال 28 / 8) في عمق أعماق الأرض (تثنية 32 / 22) حيث يخيم ظلام دامس (مزمور 88 / 16 - 17)، هناك ينـزل كل الأحياء ولن يصعدوا منها إلي الأبد . فليس بعد في مقدورهم أن يسبحوا الله أو أن يرجو عدالته أو أمانته، لأن الأموات يعيشون فيه وجودًا ضعيفًا ومنعزلاً، لا يمكن تسميته «حياة». الجحيم هو مكان مخيف (إشعيا 14 / 9 - 11) ومكان النسيان (مزمور 88 / 13) والمكان الذي لا تصل إليه يد الله (مزمور 88 / 6) والمكان الذي لا يحدث فيه بمعجزات الرب وبأمانته (مزمور 88 / 12) والمكان الذي ينتهي إليه كل حي (جامعة 3 / 20) أن يكون المرء في الجحيم يعني أن يكون مفصولاً عن الله وعن جماعة الأحياء.