المساء
مؤمن الهباء
شهادة -ليست "أماني" وحدها!!
يعيبون علي مذيعة بأنها غيرت موقفها من ثورة 25 يناير.. وانقلبت من أقصي اليسار إلي أقصي اليمين.. وبأنها تتحول وتبدل مواقفها وفقا للمتغيرات وتسير بحسب الموجة السائدة.. حسنا.. وماذا فعل الثوريون المخلصون الثابتون علي المبدأ؟!.. أين هم وماذا يقولون الآن في الثورة التي صنعوها أو ادعوا أنهم صنعوها؟!
عندما كانت الثورة موضة.. حولوها إلي سفينة نوح.. الكل يهرول ليقفز إلي ظهرها ويحجز لنفسه مكانا حتي ينجو ويعيش.. وفي سبيل ذلك هناك من مارس الدجل والغش والكذب.. وهناك من نافق وأظهر ما لا يبطن ولعب علي الحبال وادعي كذبا أنه ثوري وراح يبحث في جذوره ربما يجد فيها رائحة الثورة.. وحتي رجال مبارك ومريدو وريثه جمال انقسموا قسمين: قسم احترم نفسه وبقي علي موقفه وهم أقلية محترمة.. وقسم آخر باع الرجل وهرول إلي معسكر الثورة.. بل إلي الصف الأول منه ليحتفظ لنفسه بذات المكانة والدور اللذين كانا يتمتع بهما في زمن مبارك.. ثم حين أدار الزمان ظهره للثورة استدار مع الزمان بسرعة.. ولم يكتف بالتحول الصامت.. وإنما راح يسب الثورة وكل ما يمت لها بصلة.. ويتهمها في شرفها الوطني.. وصارت عنده عملا من عمل الشيطان وتآمرا وخيانة.. وهو لا يعرف أن ما قاله أو كتبه من قبل محسوب عليه والتسجيلات موجودة.. والأرشيف لا يكذب.
قد تكون أماني الخياط أسوأ مذيعة فعلا.. لأنها تلعب دورا لا تمتلك مؤهلاته.. لكنها مثلهم تماما.. تنكرت كما تنكروا لثورة 25 يناير من أجل البقاء علي الشاشة.. وقد كانت مثلهم أيضا تدعي الثورية وتخطب في ميدان التحرير تحرض علي الثورة وإسقاط النظام.. ثم بدلت مواقفها 180 درجة كما بدلوا.. وباعت مثلما باعوا.. ومن ثم فلا تثريب عليها.
وقد تكون أماني الخياط النموذج الفج في التحول والانقلاب.. ربما لأن مواهبها محدودة فلا تسمح لها بأن تتواري خلف اللغة المراوغة والمصطلحات الملتبسة التي تقول ولا تقول.. وربما كانت رغبتها في الظهور وتصدر الصفوف أقوي من قدراتها وإمكاناتها.. فكانت مندفعة وهي تسير في الاتجاهين.. مع الثورة وضد الثورة.. ولم تتعلم بعد كيف تسبح برفق حتي لا تبدو لاهثة.. وكيف تمسك بالعصا من المنتصف كما يفعل المتمرسون.
يعيبون عليها أنها وقفت في بدايات الثورة تخطب بين شباب التحرير وتحذرهم من الضباط وتهتف بينهم.. ثم هي بعد سنوات قلائل تتهم هؤلاء الشباب بأنهم "عيال" يبيعون أنفسهم لأي حصان جامح.. و"بيلبسوا بنطلون اللوويست وبيطولو شعرهم ويعملوه زعرورة".
والحقيقة أن هذا التناقض أو الانقلاب ليس خاصا بأماني الخياط وحدها.. وإنما هو سمة الغالبية ممن يظهرون علي الشاشات ويكتبون في الصحف الذين يحرصون علي أن يكونوا قريبين من صناع القرار في كل العصور.. وفي سبيل هذا الهدف لا يشعرون بالحرج من أي تناقض ويبيعون ذاكرتهم بسهولة.
أذكر أنه في أزمة قانون الصحافة 93 لسنة 1995 أن حضر الرئيس الأسبق حسني مبارك حفل افتتاح معرض الكتاب الذي كان يتوافق مع عيد الإعلاميين.. وفي هذا الحفل ألقي الصحفي الشريف النزيه المرحوم جلال عيسي وكيل نقابة الصحفيين آنذاك كلمة النقابة لسفر النقيب إبراهيم نافع للخارج.. وقال في هذه الكلمة إن القانون هدية غير مرغوب فيها للصحفيين في عيدهم.. وهنا ضجت القاعة بالتصفيق.. ثم حين ألقي مبارك كلمته وقال فيها: "القانون صدر وخلاص.. إحنا مش بنبيع ترمس يا جلال" ضجت القاعة بتصفيق أعلي وأعلي.. الأمر الذي يعني للمراقب أن الإعلاميين والمثقفين والصحفيين والفنانين الحاضرين - أو معظمهم - يصفقون للشيء ونقيضه في نفس اللحظة.
إنها مشكلة الجميع وليست مشكلة أماني الخياط وحدها.. ومن كان منكم بلا خطيئة فليرجمها بحجر.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف