الوفد
محمود غلاب
الطريق الوحيد -الصحافة والبرلمان
قلم الصحفى ملك القارئ، وحجب المعلومات التى يجمعها الصحفى بضميره المهنى والوطنى عن الرأى العام هو اعتداء على الحق فى المعرفة، كما أن حجب المعلومات من مصادرها عن الصحفى يعاقب عليها القانون، ولذلك كنت سأعترض على قرار نقابة الصحفيين بمقاطعة أخبار البرلمان على خلفية قيام نائب بالاعتداء بالضرب على محرر برلمانى، وأقر بأّن الدفاع عن كرامة الصحفى واجب على نقابته، ولكن هناك طرقًا قانونية يتم اللجوء إليها غير معاقبة القارئ بحجب الأخبار التى ينقلها إليه المحررون البرلمانيون عن طريق تغطيتهم لجلسات المجلس.
الصحفيون لا يعملون عند أحد إذا رضى عنهم وعاملهم بحنية غطوا أخباره، وإذا اختلف معهم، وتصرف بقسوة قاطعوه، الصحافة سلطة شعبية تمارس دورها فى حماية الدستور الذى كفل حرية الصحافة وحظر الرقابة على الصحف أو مصادرتها، وألغى العقوبات السالبة للحرية فى جرائم النشر، وإذا كان مجلس النواب يمثل السلطة التشريعية واختصاصه التشريع ومراقبة أعمال الحكومة للحفاظ على مصالح الشعب، فإن الصحافة تراقب الاثنين لضمان قيامهما بواجبهما، وتكشف قصورهما للرأى العام.
إذا كنا نرفض التجاوز ضد الصحفى فإننا نرفض بنفس المقدار التجاوز ضد النائب المحترم الذى وصل إلى مكانه بإرادة الناخبين ليؤدى دوره التطوعى وهو يضع نصب عينيه أن الصحافة ستراقبه، وتنتقده، وتشيد بأدائه وهى تؤدى واجبها نحو القارئ والناخب وأهل الدائرة التى جاء منها النائب ولابد أن يعرف النواب أن الدستور وضع احكام مشروعية عقد الجلسات فى يد الصحافة لتحقيق العلانية التى نادى بها الدستور، فعندما يحضر الصحفيون فى الشرفات لمتابعة ما يدور فى القاعة فإن هذا الحضور دليل علي دستورية الجلسة، ولذلك كان اعتراضى على قرار النقابة بعدم تغطية جلسات المجلس لانها بذلك ستكون قد تنازلت عن واجب دستورى ولو وطلبت النقابة من الصحف عدم نشر أخبار البرلمان فإنها ستكون قد تساوت مع الأطباء الذين أغلقوا المستشفيات وامتنعوا عن تقديم العلاج للمرضى احتجاجًا على اعتداء أمناء شرطة على أطباء مستشفى المطرية، هنا الأطباء يعاقبون المرضى وليس الأمناء، والصحف كانت ستعاقب القارئ وليس النواب.
أنا أدعو إلى علاقة تعاون وتكامل بين الصحافة ومجلس النواب، فى أن يعترف كل منهما بحق الآخر، الصحفى يمارس دوره دون أية ضغوط والنائب يمارس مهامه دون أن تتربص الصحافة به، وأن يكون انتقادها بموضوعية.
ويجب أن يعلم الزملاء المحررون البرلمانيون أن هناك محاولات لإسقاط مجلس النواب عن طريق تشويهه، فلا يجب أن تساهم الصحافة الحرة فى هذه المؤامرة التى يتم التدبير لها من جهات بعضها فى الداخل، كما أن هناك نوابًا قلة لا يريدون لهذا المجلس أن ينجح، ويسوقون العوج للإساءة إلى المجلس وإلى رئيسه، إن الأزمات المصطنعة من بعض النواب هى محاولات مكشوفة لإظهار المجلس بالعجز عن ممارسة دوره،لأن هناك محاولة كانت تريد عدم استكمال خارطة الطريق وفشلت،إن فشل مجلس النواب سوف يتحمله الشعب الذى ينتظر الكثير من نوابه فى التشريع وتحويل الدستور إلى قوانين وكشف الفساد.
رئيس مجلس النواب هو أحد رجال القانون المعروفين بالنزاهة والعلم استطاع خلال هذه الفترة القصيرة فى رئاسته للمجلس أن يعبر به من عدة أزمات كان مخططًا لأن تقصف به، هذا الرجل يحارب فى عدة جبهات، وتدخله السريع لاحتواء أزمة المحررين البرلمانيين دليل على احترامه لحرية الرأى والتعبير، ودليل على أن النواب الذين يتهمونه بحرمانهم من الكلام يسعون إلى إحراجه وإظهاره بمظهر العاجز عن إدارة المجلس، أليس من العيب والتآمر أن يتهم رئيس البرلمان من نائب بأنه جاء بطريق الخطأ وهو الذى حصل على تأييد يشبه الإجماع من النواب، إن الضرب فى مجلس النواب هو تهديد للدولة فى ألا تعود إلى ريادتها إن الصحافة والبرلمان هما جناحا حرية التعبير ومحاولة شق العلاقة بينهما لابد أن ترتد إلى صانعيها وهم يعرفون أنفسهم.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف