الوفد
د. كاميليا شكرى
رؤية مصرية -حلقت في سماء العالمية
في الأسبوع الماضي رحل عن عالمنا.. واحد من أبناء مصر الوطنيين المخلصين..الذين لا تكفي سطور مقالة لوصف وسرد ما قدمه في سنوات حياته للوطن ورفعته ولجذوره الافريقية والعربية.. واحقاق الحق والدفاع عنه بدون تمييز على المستوي الدولي.. في عالم يدين بالتوازنات التي تصل في بعض المواقف والأوقات الى اغفال القيم والحق والعدالة الانسانية!!
وفي رأيي.. بالرغم من التقدير الفائق الذي تمتع به على مسار حياته في وطنه وفي خارج وطنه، إلا أنني أرى.. أنه لم ينل ما يستحق من تسليط الاضواء بقدر كاف على ما قام به من أعمال.. وما اتخذه من مواقف كانت تجسد انحيازه ودفاعه عن اصحاب الحق.. وكان في ذلك المثل في وضوح الرؤية.. لما يجب أن يكون عليه الدبلوماسي القدير الذي وصل الى قمة المناصب.. في بلده كوزير دولة لسنوات عديدة.. ورئيس لمنظمة اقليمية.. ومنصب عال دولياً!!
وإذا كان لنا دائما أن نفخر بأن عددا من ابناء مصر نالوا جائزة نوبل.. كل منهم في تخصصات مختلفة.. في العلم.. والأدب والسياسة.. ولكننا اغفلنا.. الى حد ما.. التميز غير المسبوق، للدكتور بطرس غالي اول مصري افريقي عربي نال أعلى منصب في الأمم المتحدة.. هو منصب الامين العام.. المنصب الرفيع الذي جسد فيه ترسيخ الدفاع بإيجابية عن العدالة الانسانية.. حتى لو كلفه ذلك عدم استمراره في منصبه لفترة ثانية، مما دعى هنري كيسنجر لقوله إن د. بطرس غالي لن يُنسى وسيدخل التاريخ.. حيث انه اول أمين عام للأمم المتحدة.. لم يجدد له لفترة ثانية.
وتأكيداً لذلك نرى أنه بمجرد أن اعلن عن وفاة د. بطرس غالي.. اتخذت الامم المتحدة اجراءات ومراسم تليق بالفقيد.
حيث عقدت الجمعية العمومية للأمم المتحدة بنيويورك بحضور ممثلي «192 دولة» جلسة خاصة لتأبين الدكتور بطرس غالي أمينها العام الأسبق في نفس توقيت الجنازة، وتقرر تنكيس اعلام الأمم المتحدة في جميع أنحاء العالم لمدة ثلاثة أيام حداداً على رحيله.
وعبر الأمين العام الحالي «بان كي مون» عن الراحل بأن الدكتور بطرس غالي.. كان صوت المستضعفين على المستوي الدولي وحصل على احترام الكثيرين.. ومثل لوطنه ولأفريقيا والدول العربية نموذجاً فريداً ستنهل من علمه اجيال مقبلة.
وفي وطنه مصر مثل فقدانه خسارة كبيرة.. وتبارت مؤسسات الدولة في تقديم ما يستحق من تقدير.. بإقامة جنازة عسكرية مهيبة.. كان على رأسها مؤسسة الرئاسة والحكومة.. وما كان يتمناه الفقيد بحضور شيخ الأزهر احمد الطيب ورئيس الكنيسة الارثوذوكسية البابا تواضروس الثاني.
وإن أردنا أن نلخص مفتاح حياة دكتور بطرس غالي فسيكون هو العمل.. ثم العمل.. ثم العمل.. ومن خلاله نشر مبادئ السلام ليس في محيط وطنه وأمته.. بل في العالم أجمع.
وكان اعتزازه عالياً.. بالجذور الافريقية.. وسعى دائما لتوثيق الارتباط بين شعوبها جميعا.. فخبرته في الشئون الافريقية ومعايشته لتفاصيلها ودقائقها.. مكنته من اعداد دراسات استعانت بها الجامعات العالمية والمنظمات الدولية.
وبذل من الجهد الكثير واستعان بعلاقته الدولية.. حتى أصبحت مصر عضواً في المنظمة الفرانكوفونية.. وعمل رئيساً للمنظمة تقديراً لعطائه غير المحدود.. قبل توليه منصب الأمين العام للأمم المتحدة.
وفي وصفه قيل عنه الكثير في حياته وبعد رحيله.. من زملاء قريبين منه.. ومن أجيال درست وتعلمت على يديه وفاض عليها بعلمه ومبادئه، وقيمه.. ومن متابعين لأدائه ولفكره.. فمنهم من اعتبره أحد البنائين العظام من أجل خدمة البشرية.
الكلمة الأخيرة
د. بطرس غالي.. شخصية وطنية عالمية.. يصعب تكرارها، وقمة حلقت في سماء العالمية.. وعلمت ببصماتها.. وتركت خلفها تاريخا وسيرة حياة مشرفة، وأرى أن أوقع ما وُصف به.. أنه لم يخن قضية التنوير في حياته.
حفظ الله مصر
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف