لست من أنصار نظرية "المؤامرة" ولا من رافضيها. وإن تم تفسير التساؤلات باعتبارها أول طريق تلك النظرية. فأنا لا أتخلي عن السؤال ولا أتوقف عنه. حتي في الذهاب إلي الشارع الذي أعرفه.. أسأل مجدداً. ليس لأنهم غيروا الشارع أو نقلوه من مكانه ولكن لأن عقلي وانتباهي وتركيزي هو الذي يتغير.
وقديما قالوا "السؤال ليس حراماً" ومن هذا المنطلق شاركت مع كثيرين في سؤال اتسع ليصبح كبيراً عن ماهية منظمة تيد العالمية. والتي نظمت فعالية بدار أوبرا دمنهور. بعنوان "تيدكس دمنهور" والتقي المنظمون بعدها بالمحافظ وحظوا بالتكريم.. وكان السؤال لو أن تيدكس "حلوه" فلماذا لا ننضم إلي ركابها. ولو أنها تتسع لكل الأفكار فلماذا هذه الإجراءات الصارمة التي أحاطت بالفعالية لدرجة أنها خصصت تذاكر لمائة فرد فقط وكان واجبا علي كل من يحضر أن يجتاز أولا مقابلة مع المنظمين ويملأ أوراقا وكأنه سينضم لكلية الشرطة.. أما المدعوون فتم انتقاؤهم بعناية فائقة. وأعرف قامات في دمنهور لم تتمكن من الحضور. وذهبت كل محاولاتها سدي.
البحث عن "تيد" في الانترنت يكتفي بالتأكيد علي أنها منظمة غير ربحية مهتمة بالأفكار التي تستحق الانتشار ومقرها الرئيسي بين أمريكا وبريطانيا وكندا.. أما مقاطع الفيديو الخاصة بمؤتمراتها فيطل منها وائل غنيم يحكي تجربة الثورة المصرية ودور الانترنت و"الفيس بوك" تحديداً فيها كما يشرح كيف أن "الفيس" أيضاً صار وسيلة للفرقة بين نشطاء الثورة. كما يطل آخرون من حول العالم يتحدثون في شئون شتي. لكن الكثير منها يدور حول العالم الجديد.. هذا العالم الذي يتجاوز حدود الأوطان ونشيد العلم.. يصنع لمريديه عالمهم الخاص الذي يجمعهم.
شعار "تيد" المرسوم. حسب تأكيد كثير من المتابعين وأيضاً المنضمون المبهورون بتلك المنظمة.هو أقرب لشعارات الماسونية. إن لم يكن ماسونيا بالفعل.. العين والبندول. والحالة التي تصنعها تلك المنظمة غير الربحية. وإن بدت كضوء لامع ومبهر في عيون أهلها. إلا أنها تبعث علي الخوف.. الخوف من أن نسلم شبابنا طواعية لغيرنا ليتولوا شئونهم ويدبروا لهم حياتهم.
تقصي الحقائق أو الإجابات حول تساؤلاتي وتساؤلات غيري عن "تيدكس" استدعي الجلوس مع بعض أعضائها ومحبيها. وهم اعترفوا صراحة بالكثير من الهواجس التي أسلفتها. كما اعترفوا أن تيدكس ضمت الكثير من بقايا الأطياف التي انفرط عقدها. وفيها تشكيلات شبابية غريبة.. علمانيون مع إخوان مع بوهيميين. وأيضاً مع مثقفين أصحاب وعي ورؤية. لكنها رؤية تقفز فوق الحدود والجغرافيا. وهم أنفسهم يقرون أن الأمر يشبه إعادة تشكيل الوجدان علي طريقة "عرب آيدول" و"ذي فويس" و"جوت تالانت". ويذهبون لأبعد من ذلك بالتأكيد علي أنه ليس بالإمكان السيطرة علي الأمر أو وقف هذا المد القادم من "لا أين".
لا أدري الآن.. لماذا طرحت تلك التساؤلات الحائرة. وربما لدي المعنيين والمسئولين رؤية تفوق رؤيتي. وربما هم يخططون ويعرفون أو أن احتفاءهم بالأمر كان من قبيل الاحتواء. وأن يكون أبناؤنا تحت أعيننا.. لكنني متأكد من شيء واحد. وهو أن شبابنا بحاجة الي أن نأخذ بأيديهم لأننا أولي بهم. كما أننا بحاجة الي استباق هذا الواقع الجديد. وطرح أفكار وثابة بإمكانها أن تقفز فوق الرغبات والتطلعات. وأن جمعياتنا المدنية بحاجة الي رؤي وصياغات جديدة أفضل من جمعيات "البط البكيني" و"الفول الحراتي" و"معا من أجل شارع نظيف".
** ما قبل الصباح:
- معظم النار من مستصغر الشرر