د. محمد مختار جمعة
الشـــــمس التي لا تغيـــــب
الشمس لا تغيب. لكنها قد تحجب عنا إما بطبيعة دوران الأرض حول نفسها. أو بفعل الغيم والسحب التي قد تحول بيننا وبين رؤيتها. أو بما يصيب بعض الأعين المريضة من اعتلال يحول بين أصحابها وبين ضوء الشمس الساطع. علي حد قول الشاعر:
قد تنكر العين ضوء الشــمس
ويذكر الفم طعم الماء من سقم
وبينما كنت في رحلة إلي أسيوط الأحد الماضي لحضور مؤتمر فرع جامعة الأزهر بأسيوط عن "فهم التراث وأثره في مواجهة الانحراف الفكري". وكان الجو غائما لم ير في صباحه الباكر ضوء الشمس لغيم كان يحجبه. فما أن ارتفعت الطائرة فوق السحاب حتي لفت فضيلة المفتي أ.د/ شوقي علام نظري إلي سطوع الشمس فوق السحاب. ودار بيننا نقاش فكري وعلمي وثقافي. حول أن الحقائق الساطعة قد تحجب لغيم يحجبها. أو لأن قصور الرؤية لا يدركها. غير أن هذا السطوع الحقيقي للشمس وللحقائق الناصعة لا يمكن أن يذكر أو يجحد. فالشمس قد تحجب عن الأبصار العليلة لكنها لا تغيب. فالحقائق لا يمكن أن يحجبها غيم الأبصار أو مرض القلوب. علي حد قول المتنبي:
وهبني قلت: هذا الصبح ليل
أيعمـــي العالمون عن الضياء؟
لقد دار حديثي مع فضيلة المفتي حول تلك الانجازات والمشروعات العملاقة. انطلاقا من قناة السويس الجديدة إلي افتتاح شرق قناة بورسعيد. مرورا باستصلاح المليون ونصف المليون فدان. وشبكة الطرق الطموحة العملاقة. ومشروعات الإسكان والبنية التحتية. وبخاصة في مجالات الكهرباء والطاقة المتجددة من الشمس والرياح. ومشروع محطة الضبعة النووية العملاقة. ومشروعات المياه والصرف الصحي. إضافة إلي المشروعات الاقتصادية الكبري.كمشروع تطوير محور قناة السويس. والعاصمة الجديدة. والساحل الشمالي ومطروح. إلي إنشاء وإعداد وتطوير العديد من الموانيء والمطارات. أضف إلي ذلك استكمال خارطة الطريق السياسية بانتخابات برلمانية حرة ونزيهة وشفافة جاءت معبرة عن الإرادة الحقيقية للناخبين. وهو ما شهد به القاصي والداني. والعدو قبل الصديق.
هذا إضافة إلي صمود الدولة في مواجهة الارهاب والتحديات الخارجية التي مزقت العديد من الدول حولنا. غير أن صمود الدولة المصرية بكل أركانها العسكرية والمدنية في ظل قيادة حكيمة للسيد الرئيس/ عبد الفتاح السيسي قد أضج مضاجع أعدائنا المتربصين وشتت كيانهم وأربك حساباتهم.
إن مصر بخير. وستظل بإذن الله تعالي بخير. ولن تغيب عنها الشمس. وسيرد الله "عز وجل" كيد المتربصين بها في نحورهم. غير أننا في حاجة إلي مزيد من اللحمة. وأن نكون بحق وصدق يداً واحدة من أجل الحفاظ علي بلدنا في معركة البقاء. والنهوض بها في رحلة البتاء. وأن نتحصن بمزيد من العلم والبحث والمعرفة وتأهيل الشباب. وإعطائهم الفرصة في الإسهام الحقيقي في بناء مجتمعهم والحفاظ عليه. أضف إلي ذلك حاجتنا إلي مزيد من الأمل. وألا نفت في عضد المصريين. أو نقلل من قدراتهم علي بناء دولتهم الحديثة. أو نجرهم إلي مضمار اليأس القاتل.
علينا جميعا أن نثق أولا في الله "عز وجل" وأنه كما لم يضيعنا في الماضي لن يضيعنا في المستقبل. فإنه "عز وجل" سيحوطنا برعايته وعنايته. ألم يقل نبينا "صلي الله عليه وسلم": "إذا فتح الله عليكم مصر فاتخذوا فيها جندا كثيرا. فذلك الجند خير أجناد الأرض". .ثم علينا أن نثق في قدراتنا علي البناء والتعمير. والتقدم إلي مصاف الأمم المتقدمة. وأن ندرك أن علينا في سبيل ذلك أن نصطف اصطافاً وطنياً حقيقياً في مواجهة الارهاب الذي يعد أكبر عائق ومعوق للبناء والتنمية. وهو ما يتطلب منا خطاباً دينياً وفكرياً وثقافياً رشيداً مستنيراً.