بسيونى الحلوانى
مشكلة مصر.. في فضائيات الفتنة والتحريض
مشكلة مصر الحقيقية ليست في سياسييها المنفلتين الذين يتبعون قاعدة "خالف تعرف".. ولا في فلول الجماعة الإرهابية الذين ينساقون كالأنعام خلف قيادتهم المارقة في الداخل والخارج وينفذون بلا وعي وصاياهم الشيطانية.. ولا في مخططات الدول المعادية الكارهة لاستقرار مصر وهي معروفة للجميع.. ولا في بقاء خلايا للارهابيين هنا وهناك.. فكل هذا تواجهه الدولة وفق سياستها وخططها السياسية والأمنية المناسبة.
لكن مشكلة مصر الكبري الآن في إعلامها المنفلت الذي يعمل بلا احساس وطني وبلا شعور بالمسئولية و بلا إدراك للقائمين عليه بواجبات الإعلام ومسئولياته.
وعندما أقول إعلامها المنفلت أعني فضائيات "إشعال النار" التي ابتليت ببعض الإعلاميين الذين يعملون بلا حس وطني وبلا عقل أو منطق إعلامي أو سياسي فيكبرون الصغائر ويعممون الحالات الشاذة ويحاولون اقناع المشاهدين بأنها حالات عامة تهدد أمن المجتمع واستقراره ويستضيفون كل صاحب رأي شاذ أو مخالف ليثير اللغط هنا وهناك. ويحاولون تدمير مؤسسات تفخر بها مصر وتمثل ركيزة قوتها الناعمة.
لذلك كان لابد أن ينفد صبر الرئيس عبدالفتاح السيسي من السلوك الفوضوي والعبثي لفئة قليلة وشاذة من الإعلاميين الذين يتاجرون بهموم الشعب ومشكلاته وأزماته اليومية ويحرضون ليل نهار علي الفوضي وينشرون الشائعات الكاذبة ضد الدولة ومؤسساتها.. فقد نفد صبر المصريين الوطنيين الخائفين علي بلادهم من السلوك العبثي لهؤلاء الإعلاميين الفوضويين قبل أن ينفد صبر الرئيس.
كان لابد أن يظهر الرئيس العين الحمراء لهؤلاء الإعلاميين العابثين بعد أن فاض الكيل من تحريضهم الصارخ ليل نهار من خلال فضائيات الفتنة والإثارة والتحريض التي تبحث عن إعلانات ونسب مشاهدة علي حساب استقرار مصر وسمعتها ويطالب غالبية المصريين بوقفة حاسمة معها حتي تتوقف عن الهدم والتحريض والتخريب أو يتم إغلاقها ليتم انقاذ المجتمع من شرور القائمين عليها.
فضائيات الإثارة والفتنة داخل مصر لا يمتلكها مستثمرون يفهمون في رسالة الإعلام ودوره في التنوير السياسي والثقافي وضبط الايقاع الاخلاقي للمجتمع.. بل يمتلكها رجال أعمال جمعوا ثروات طائلة من الحرام ونهبوا أراضي الدولة في عصر الفساد.. وهم يتاجرون الآن في البسكويت والشاي والشيبسي ومساكن أبناء الذوات واللحوم المستوردة وقطع الغيار المضروبة والسيراميك وغير ذلك من مجالات النشاط التجاري الذي لا يربطه رابط بالإعلام ورسالته.
وهدف هؤلاء من سباقهم المحموم في الفضائيات حماية أنفسهم واستثماراتهم فهم علي قناعة بأن هذه الفضائيات وسيلة ضغط علي الدولة وأجهزتها السيادية وتمثل لهم حصانة من نوع ما لذلك يتحملون خسائرها ويغدقون بالملايين علي الإعلاميين أصحاب الصوت العالي من أمثال إبراهيم عيسي ووائل الإبراشي ومحمود سعد الذي تخلصت منه قنوات النهار مؤخراً لتستريح وتريح ويوسف الحسيني وعمرو أديب وجمال فهمي وغيرهم من الإعلاميين الذين يتخلون عن كل ما يربطهم بالوطن قبل ظهورهم علي الشاشات كل ليلة.
وهؤلاء الإعلاميين الهائجين لا يمتلكون شجاعة كما يحاولون خداع مشاهديهم بل يدافعون عن مصالح لأن الإعلام الوطني ممثلاً في الصحف القومية وقنوات التليفزيون المصري والفضائيات الخاصة المنضبطة تناقش يوميا كل هموم المجتمع وتتناول مشكلاته بجرأة وشجاعة وتكشف عن مظاهر فساد وانحراف مالي وإداري في كل مؤسسات الدولة وأنا شخصياً أكتب وانتقد كيفماء أشاء دون تدخل من أحد كما أظهر من وقت لآخر في قنوات التليفزيون المصري لانتقد أداء الحكومة وكبار المسئولين فيها واكشف عن سوءات دون أن يراجعني أو يعاتبني أحد.
لذلك فإن شجاعة هؤلاء المنفلتين من الإعلاميين ليست من أجل الصالح العام فكل واحد منهم يبحث عن مصالحه الشخصية أولاً.. ثم مصالح ولي نعمته الذي يغدق عليه بالملايين.
* * *
لقد أجرم هؤلاء الإعلاميون في حق الوطن ولابد من تدخل الدولة لحماية مؤسساتها وعقول أبنائها من هؤلاء المخربين الذين لا هم لهم إلا البحث عن الحالات الشاذة والنادرة والفردية لتضخيمها وتكبيرها.
يجب تعديل قوانين ضبط الإداء الإعلامي في مصر لإيجاد آلية قانونية تحاسب المنفلتين والخارجين علي قواعد وضوابط الأداء الإعلامي الوطني الذي يحقق مصالح المجتمع كله خاصة أن خبراء الإعلام يؤكدون أن فضائيات الفتنة داخل مصر تعتمد علي شائعات وليس حقائق. وأنها لا تستند إلي بيانات ومعلومات حقيقية.. بل تتنافس في نشر شائعات ومزاعم وإدعاءات ويعتقد العاملون فيها أن من ينتقد الدولة أكثر هو الذي يجلب المعلنين والمشاهدين!!