عبد الرحمن فهمى
الخطب المرتجلة تدخل القلوب
زمان.. والناس تحب كلمة "زمان"... الناس تعشق ما تتم كتابته عن الماضي واساطيره وحكاياته.. بل ايضا... وأغانيه وأفلامه وفنه وفنانينه..
... آسف... سرحت مع كلمة "زمان"... وكنت أريد بمناسبة خطاب الرئيس الأخير... كنت أريد أن أقول أننا في الصحافة "زمان"!!!... كنا نفرح أن يكون الخطاب مكتوبا والقراءة من الخطاب!!!!... لان هذا معناه اننا سنتسلم الخطاب اما قبلها بيوم أو في نفس اليوم ولكن في الصباح... فتكون عندنا فرصة كبيرة للجمع علي المهل فلا تكثر الأخطاء وفرصة للتوضيب في الصحافة واختيار العناوين... وعلي فكرة توضيب الصفحات علم اكاديمي يتم تدريسه في الجامعات وهو علم فرنسي اسمه "ميزمباج" ميز معناها بالفرنسية "وضع يضع" وباج معناها الصحيفة ومي معناها في... يعني الوضع في الصحيفة... كلمة "ميزمباج" تجدها في كل كتب الصحافة مهما كانت لغة الكتاب... حتي في الجامعة الأمريكية.
دائماً يسرح بي القلم...
المهم أن الخطب المكتوبة تتمناها الصحف اليومية خصوصا.. الصحف المرتبطة بمواعيد قطارات الصحافة وطائرات المطار.
اما الخطب المرتجلة فهي تحتاج "زمان ايضا" تحتاج لمن يجيد ما كانوا يسمونه بالاختزال... المختزل يستطيع أن يكتب بطريقته المختزله اسرع من الخطيب نفسه.. لانه يكتب أطول كلمة في حرفين!!! ثم يحضر الصحفي للجريدة لكتابة الخطاب ورقة ورقة ويسلم كل ورقة للمطبعة... كان "ملك الاختزال" في الصحافة المصرية استاذنا الكبير احمد لطفي حسونة في "الأخبار"... كان جمال عبدالناصر خلال محاكمات الثورة يطلب نسخة من "الأخبار" توضع علي مكتبه في البيت ليقرأ علي مهل صورة حية بقلم أحمد لطفي حسونة!!! وكان في جريدة "المصري" بكر درويش تلميذ لطفي حسونه!!
تطورت الأمور الآن.. كما يتطور كل شيء... واصبح هناك تسجيل يتم تفريغه أولا بأول في جهات متخصصة سريعة وترسل الصفحات بسرعة للصحف... ولكن ليس هذا معناه أن المشكلة اتحلت... التأخير هوه هوه...
وعلي فكرة... هل مازال هناك قطار الصحافة الساعة الثالثة مساء من محطة مصر وآخر من محطة الصعيد في الجيزة... أم تم إلغاء هذا النظام... قطار الصحافة يقف في كل محطة... طوال الوجه القبلي أو الوجه البحري.... وهناك قول طريف... يقال أن القطار يقف في القري التي بها محطات والقري التي ليس بها محطات... وتلقي باعداد الصحف من شباك القطار وهي تجري!!!!
قطار الصحافة كان يشهد سوقا من نوع غريب... من خلال المنافسة الحادة بين الصحف قبل تأميمها كان مندوبو الصحف تشتري باثمان عالية اعداد الصحف المنافسة وينتظرها الصحفي لكي لا تفاجأ في الصباح بخبر فاتها... كانت المنافسة بلا حدود قبل التأميم لذا كانت تكسب الكثير ثم اصبحت الآن عالة علي الحكومة!!!
* * *
ــ لماذا اكتب كل هذا الكلام الآن!!
ــ بمناسبة الخطاب الجامع الشامل الرائع لرئيس الجمهورية أول أمس... اسمح لي سيادة الرئيس أن أرجوك عن نفسي وعن التسعين مليون كما اشهدهم بنفسي خلال الخطاب... ارجوك... ثم ارجوك.... ثم ارجوك... خطاباتك المرتجلة تغسل قلوبنا وتعطينا الأمل من شخص متفائل صادق تعشقه القلوب صدقني... لم أنافق خلال 65 عاماً صحافة أي رئيس... ولو كنا نافقنا عبدالناصر ومن تلاه ما كان هذا حالي!!!! صدقني نحن في حاجة لخطاباتك المرتجلة خاصة هذه الأيام ومعذرة للصحف!!