أمل فوزى
سعادة المواطن وإلهام الحاكم
كانت المرة الأولى التى أسمع فيها عن اقتصاديات السعادة والإلهام فى فبراير الماضى عندما عقدت المجلة مؤتمر المرأة المصرية والعربية 2030 وألقت صديقتى الدكتورة سالى مبروك الخبيرة المصرية فى تقييم أداء المؤسسات والشركات والتى تعمل كمستشارة جودة وتمييز فى القطاع الحكومى بالإمارات كلمتها حيث ذكرت آنذاك أن اقتصاد السعادة والإلهام هو فرع جديد فى الاقتصاد وأنه نشأ فى باريس حيث طرحت كلوديا سينيك الأستاذة فى جامعة السوربون كتاب اقتصاد السعادة الذى ترى فيه أن شعور الناس بالرضا لا يرتبط فقط بدخل الفرد وإنما بدور الحكومة فى تحقيق السعادة للناس وأن اقتصاد الإلهام هو أيضا فرع جديد فى الاقتصاد ودراساته لا تزال حديثة وأن إسرائيل من أول الدول التى سعت لدراسته والعمل به حيث إنه سيكون من أهم أساليب التأثير على السوق وزيادة الإنتاج ورفع الجودة وأنه يرتبط إلى حد كبير باقتصاد السعادة، يومها قالت إن مؤشر سعادة الشعوب والذى يتم رصده وقياسه وفقا لمعايير معروفة دوليا ويعلن عنه كل عام فى منتدى الاقتصاد العالمى يضع الدنمارك فى مقدمة أكثر شعوب العالم سعادة فى حين تحتل الإمارات المرتبة الرابعة عشرة فى العالم متخطية فى ذلك دولا أوروبية عديدة وأن المستهدف لديهم أن تحتل الإمارات المرتبة الأولى فى أكثر شعوب العالم سعادة وذلك على عام 2020.
المرة الثانية التى سمعت فيها عن هذا الأمر كانت أثناء زيارتى الأسبوع الماضى لدبى لحضور إعلان جائزة دبى الثقافية والتى جاءت متزامنة مع القمة الحكومية المنعقدة هناك، بمجرد وصولى للبلد كان الحديث الأهم هو طلب الشيخ محمد بن راشد من الجامعات ترشيح ثلاثة شباب من كل جامعة لأنه ينوى تعيين وزير من بينهم ويكون فى بداية العشرينيات وبالفعل رشحت كل الجامعات وقام هو وفريقه بلقاء كل المرشحين لاختيار الأفضل، حدثنى أيضا بعض ممن التقيتهم عن ما تم فى الأسبوع الأخير من شهر ديسمبر العام الماضى والذى كان قد أطلق عليه فى بدايته عام الابتكار فى الإمارات، حيث ألزمت الحكومة جميع الوزارات والمؤسسات الحكومية والخاصة وكذلك المدارس بالعمل طول العام على تقديم ابتكارات وأفكارجديدة كل فى مجاله وذلك لتعرض خلال هذا الأسبوع ليكون حديث الجميع عن الابتكار وهو ما يرسى فكرة الابتكار فى ثقافة المجتمع .
ومن الأشياء التى عرفتها أثناء زيارتى أن نسبة اعتماد الاقتصاد الإماراتى على البترول لا تتعدى الـ %25 وأن دبى تحديدا لا يمثل البترول من دخلها ربما %5 فقط وأن الإمارات تعد من الآن لاحتفال ضخم يعقد مع استخراج آخر برميل بترول ويعملون على رصد هذا التاريخ بالتحديد قبل عام 2050، الأهم من ذلك أنهم يقومون بعمل الخطط حتى يوفروا مصادر بديلة لما يدره البترول من دخل وذلك قبل هذا التاريخ بسنوات طويلة، كل هذه المعلومات سمعت أغلبها من أشخاص من جنسيات مختلفة وكانوا يروونها لى وهم سعداء بأنهم يعملون فى هذا البلد، هذا الانبهار والإعجاب بما تقوم به الامارات لم يكن مقصورا على من قابلتهم من مصريين وعرب بل وجدته كذلك لدى عدد من الأجانب الذين التقيتهم، أحدهم قال لى إنه عمل فى أمريكا وسويسرا وإنه يفضّل الحياة فى الإمارات عنهما وأنه معجب بالخطوات الواسعة التى تسير الدولة بها كل يوم وسعيد أكثر بحالة التسامح بين الشعوب والتى تبدو واضحة فى عمله والذى يضم عاملين من أكثر من 150 دولة ورغم ذلك فإن حالة من التفاهم والسلام تعم الجميع .
فى اليوم الأخير للزيارة أعلن عن التغييرات الوزارية فاتصلت بصديقتى سالى لعلها تشرح لى معنى وجود وزارة للسعادة فقالت لى إن من اختارها الشيخ محمد بن راشد للمنصب وهى عهود الرومى على صلة وثيقة بكل الجهات الحكومية والمؤسسات وذلك نظرا لطبيعة عملها مع الشيخ بن راشد وإنه مهتم بتطبيق أحدث الوسائل العلمية الحديثة ربما حتى قبل الدول التى قامت بوضع أسسها ورفع مستوى سعادة المواطنين هو أمر علمى تماما وفقا لمعايير معروفة، وإنهم وجدوا أن وصول الموظف لحالة من السعادة يجعله يعامل أبناءه بشكل أفضل مما ينعكس على المجتمع بشكل كبير وكذلك سعادة الطلاب تجعلهم أكثر قدرة على الإبداع والتفوق، اتصلت بصديقتى سالى لأسألها عن وزارة استشراف المستقبل هذه فقالت لى الوزير الجرجاوى هو وزير للتخطيط واستشراف المستقبل، وإن الفكرة هى وضع تصورات لكل قطاع من أجل تحسين العمل ووضع الخطط الموائمة للتطور العلمى المتوقع فى السنوات المقبلة، قلت لصديقتى ربما لا تعرفين أن دستور الملك فؤاد فى عشرينيات القرن الماضى كان ينص على أن الملك يحمى سعادة ورفاهية الشعب وأن هذا النص اختفى فى جميع الدساتير المصرية التالية فيا ترى هل تعتقدين أنه يمكن أن تكون هناك حكومة مصرية تسعد المواطنين بدلا من أن تعكنن عليهم فقالت ممكن جدا شرط أن تعمل بشكل علمى وشفاف وأن هناك كثيرين من أبناء مصر بالخارج والداخل وحتى من جنسيات أخرى مستعدون للمساعدة شرط أن تكون هناك جدية فى رغبة التطوير ومواكبة العصر، قلت لها أتمنى قبل أن ألقى ربا كريما أن أرى ملمحا واحدا مما تقولين فى مصر.
نور الكلمات
«السعادة هى معنى وهدف وغاية الحياة». أرسطو