أحمد عمر
أصل الكلام عن الإعلام سألوني
سألني الزملاء في دورة تدريبية بنقابة الصحفيين عن مستقبل الصحافة والإعلام المحلي في ظل التطورات المشهودة في أدوات التواصل التي اسقطت الحواجز وجعلت من مسرح الخبر يتسع ليشمل كل أرجاء الأرض.. السؤال له وجاهته فكيف يستمر الاهتمام الإعلامي بقضايا محلية في حين أصبح جمهورك هو العالم؟ وقلت إن الصحافة المحلية تزداد قوة وتأثيرا فمن ناحية هي تحمل آمال وتطلعات وهموم الحياة اليومية للناس التي تظل لها الأولوية في اهتمامات الأحاد الذين يمثلون الجمهور.. ومن ناحية أخري مكنت وسائل الاتصال الإعلام المحلي من حمل قضايا المواطنين ومعاناتهم الحياتية إلي آفق بعيدة من المتلقين علي نحو يجعلها أكثر تأثيرا من أي وقت مضي.. فالصحافة المحلية هي صحافة المواطن.. تنشغل بالشأن المحلي إنما صار لها جمهور عالمي.
** الخطر الوحيد علي الصحافة المحلية هي أن تتخلي عن قضايا المواطن.. وقد أفسدت مكاتب الإعلام التي انتشرت في المحافظات والمصالح والوزارات كثيراً من الصحافة والصحفيين.. إنها الحقيقة المسكوت عنها.. لكن الذنب ليس علي هذه المكاتب التي جري تأسيسها لخدمة المؤسسات التي تنتمي إليها وتقديم المواد الدعائية التي تحقق مصالح القائمين عليها.. إنما ذنب من استسلموا للكسل وارتضوا لأنفسهم دور "محولجية" اسقطوا ضميرهم المهني في سبيل الراحة.. واكتفوا بإعادة إرسال ما يتلقونه من تلك المكاتب أو المراكز الصحفية إلي صحفهم ومواقعهم الاخبارية دون تدخل.. الحقيقة ان مكاتب الإعلام هي الفائزة بجدارة فهي تؤدي دورها وتفرض وجهة نظرها بينما سقط الإعلام في بحر الكسل والعسل.. ولا مخرج من حالة الغرق تلك سوي إعادة ضبط علاقة الصحيفة مع مندوبها بشكل صارم وعدم اعتماد تلك الأخبار كأعمال صحفية.. حتي يعيد المندوب ضبط علاقته بتلك المكاتب والتعامل معها علي أنها مجرد مصادر لا تؤدي له أعماله من الباطن.. القضية خطيرة علي مستقبل الصحافة لكن الحل بسيط لا يحتاج سوي إرادة.
** هذا الواقع الجديد يتطلب إعادة صياغة مفهوم "السبق الصحفي" الفكرة هي اعتماد مفهوم أكثر رقيا وعمقا ينتقل به من "خطف الخبر" في غفلة من الزملاء إلي إدراك ما ينطوي عليه جوهر القضية من أهمية.. أن يتحول السبق من عملية خطف إلي مهمة اكتشاف للقيمة فيما هو متاح أمام ناظرينا والإصرار عليها وصياغتها علي النحو الذي يبرز المضمون ويعطي لها مساحة واسعة من النشر والاهتمام العام.
** انها دعوة للتأمل فيما نملكه من حلم ومادة لنستخلص الايجابيات ونوظفها لتطوير الحياة من حولنا.. دعوة إلي البحث والملاحظة والتفكير والايمان بالدور الذي يستطيع أن يفعله كل ذلك في تغيير الواقع وبناء المستقبل وفق إرادتنا.