السيد العزاوى
الكلم الطيب -الاختلاف طريق الفشل سماحة الإسلام مظلة الجميع
من المبادئ التي أرسي الإسلام قواعدها وحدد معالم الطريق أمام سائر البشر أن الاختلاف والتشرذم والشقاق طريق الفشل لأي أمة أو مجتمع.. وقد جاءت هذه الضوابط واضحة في قول الله سبحانه: "ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين" وتلك القواعد جاءت في أعقاب الآية الكريمة التي سبقت هذه الآية. "يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون" 45 و46 سورة الأنفال. ولو أمعنا النظر في تلك المعاني لرأينا قواعد لسائر البشر لو التزموا بها وهي وحدة الرأي والهدف والسيطرة علي نوازع الشقاق والخلاف فإن ذلك سوف يقود هؤلاء لطريق النجاح ومن الملفت للأنظار أن بعض المجتمعات في الغرب غير المسلم استطاعوا السيطرة علي خلافاتهم وسد كل الثغرات أمام الشقاق والتشرذم فقادوا بلادهم إلي الوحدة والاتحاد ولذلك عندما زار الإمام محمد عبده رحمه الله هذه البلاد قال قولته المشهورة: "رأيت إسلاما بلا مسلمين" بمعني الانضمام والانطواء تحت قواعد لضبط حركة المجتمع. ولكل إنسان أن يتأمل فقد استطاع هؤلاء إنشاء اتحاد يجمع العديد من الدول ويستطيع أي زائر لأي دولة من دول الاتحاد الحصول علي تأشيرة من أي دولة عضو في الاتحاد أن يزور باقي الدول. كما وحدوا العملة حقائق وشواهد كثيرة تؤكد مدي صحة تلك المبادئ التي أرسي الإسلام قواعدها منذ انبثق فجره في أم القري.
لكن مع شديد الأسف رأينا عالمنا الإسلامي قد انقسم فرقا وشيعا كل له طريق.. فهذا سني. وذاك شيعي. والآخر سلفي. والأكثر أسفا أن الكل ماض في طريقه دون أي وسيلة للتقارب تجمع بين أصحاب هذه المذاهب ومن يلقي نظرة علي العالم الإسلامي هذه الأيام يجد الفوضي كل يتعصب لرأيه لدرجة أن بعض الفرق تتهم الأخري بالخروج عن الإسلام وتلصق بها تهمة التكفير.. وتستبيح دماءها وأموالها وما يجري في أرض العراق وسوريا واليمن وليبيا يدمي القلوب وتجعل الإنسان يعض أنامله غيظا وغضبا من هؤلاء فقد شوهوا صورة الإسلام وصار الغرب ينظر إلي هذا الدين بأنه "إسلام فوبيا" أي أنه دين الترويع والقهر وذلك نتيجة التصرفات الصادرة عن هؤلاء الذين يتخذون من الإسلام ستارا لارتكاب جرائمهم التي تتنافي مع أبسط القواعد التي أرسي الإسلام قواعدها منذ أكثر من أربعة عشر قرنا من الزمان وصار التخلف والدمار والخراب يطارد هؤلاء ورأينا الآلاف من أبناء العالم الإسلامي قد تحولوا إلي لاجئين ترفض بعض الدول استقبالهم وتضع القواعد لحرمانهم من البقاء علي أراضيها أو حتي استقبالهم.
وقد تأملت طويلا آيات القرآن الكريم.. واصابتني الحسرة لأن عالمنا الإسلامي تحول إلي فوضي الآراء مختلفة ومتشعبة. الاتهامات بالتكفير متبادلة كل في شغل فاكهون رغم أن لديهم اسمي المبادئ وأهم القواعد التي تضمن وحدتهم والأخذ بأيديهم نحو طريق النجاح والتقدم والحضارة وللأسف ينطبق في حقهم قول الله تعالي "مثل الذين حملوا التوراه ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا" وقول الشاعر العربي القديم:
كالعيس في البيداء يقتلها الظمي .. والماء فوق ظهورها محمول
أليس هذا من الغرائب والمثير للأسي والاستياء لقد تجاهل هؤلاء سماحة الإسلام حتي تعتبر بمثابة المظلة لجميع البشر تحميهم من شرور التشرذم والشقاق وقد اعجبتني الدعوة التي اطلقها الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر والتي أعلنها خلال زيارته لأكبر دولة إسلامية في آسيا فقد قال شيخ الأزهر: إن سماحة الإسلام تستوعب كل المناصب السني. والشيعي وتجمع الجميع تحت مظلة واحدة وقد اشاد الدكتور الطيب بالتجربة الأندونيسية حينما وجدهم يطبقون تلك الضوابط جمعوا المذاهب كلها في بوتقه واحدة. ليت هذه الدعوة وتلك التجربة تجد لها صدي بعالمنا الإسلامي ونري دعوات تنطلق من العلماء والحكماء للتقريب بين هذه المذاهب واحياء الدعوات التي كانت تنادي بضرورة التقريب بين أصحاب هذه المذاهب ونبذ الخلافات لكنها اندثرت مع مرور الأيام وتعصب أصحاب المذاهب والإصرار علي تبادل الاتهامات وارتكاب الأعمال التي تتنافي مع أبسط المبادئ والتي دعا إليها الدين الحنيف وتجسدت في قوله تعالي "ادع إلي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن" ولابد من العودة إلي احياء التقريب بين هذه المذاهب فألإسلام يجمع هؤلاء تحت مظلة قواعده. تلك هي مهمة العلماء والحكماء ونأمل أن يقف الإمام الأكبر واتحاد المسلمين خلف هذه الدعوة التي اطلقها حتي تعود للعالم الإسلامي مكانته في الالتزام بقيم ومبادئ الدين الحنيف إذ لا سبيل لهذه الأمة سوي الالتزام بتلك الضوابط ولابديل عن هذا الطريق.. ياسادة كفانا شقاقاً واختلاف وحان الوقت لضبط أدائنا ولله الأمر من قبل ومن بعد.