لويس جرجس
الفهــــــلوة لا تبنـــــــــي نهضـــــــة
عندما يتحدث شخص بقامة الخبير الاقتصادي العالمي محمد العريان فإننا يجب أن نستفيد مما يقول.. في آخر تصريحات له وهو يزور مصر الأسبوع الماضي. قال العريان ان مصر لم تستغل حتي اليوم ما لديها من إمكانيات محلية ضخمة يعرفها العالم جيداً ولكننا لا نعرف كيف نستفيد منها.
يوضح العريان ان العالم يعرف ان مصر بها عمالة مدربة ماهرة بأعداد كثيرة وبأسعار زهيدة ولديها موقع جغرافي رائع وهذه مميزات تجذب الاستثمارات. لكن مشكلة مصر الأساسية هي "عدم وجود نظام" يساعد هذه العوامل أن تعمل بشكل جيد ويضرب مثلاً بأن لدينا أفضل طيارين في العالم لكن لا نملك نظاماً ناجحاً في المطارات وأكد قدرة مصر علي الخروج من الأزمة في حال تطبيق القرارات السليمة وقال أيضاً ان مصر تشهد بالفعل تحركاً. لكن الأمور يجب أن تحدث بصورة أسرع. موضحاً اننا لم نصل إلي مرحلة الكساد الاقتصادي فرغم ما مر بمصر من سلبيات اقتصادية إلا انها حققت نمواً للسنة الثانية علي التوالي.
ما يستحق التوقف عنده من هذه التصريحات هو الافتقاد إلي نظام يساعد العوامل والإمكانيات المتاحة لكي تعمل بشكل جيد من أجل تحقيق انطلاقة اقتصادية تنعكس آثارها علي معيشة المواطن المصري في حياته اليومية.
كيف يمكن التوصل إلي نظام جيد؟ في رأيي ان أول طريق إصلاح نظام العمل في مصر هو الاعتماد علي الكفاءات والخبراء المشهود لهم في كل مجال الذين يعتمدون علي العلم بعيداً عن منطق الفهلوة الذي لا يصلح لبناء الأمم المتطلعة إلي تحقيق انطلاقة حقيقية. هنا يجب الكف عن الاعتماد علي "الهواة" والمتسلقين الذين يقدمون أنفسهم باعتبارهم وحدهم القادرين علي حل كل المشكلات.
الأمم تتقدم بالاستفادة من تجاربها السابقة. خصوصاً تلك التي لم تحقق المطلوب منها بسبب اهمال آراء المتخصصين وهنا أعود إلي تجربة المدن الجديدة حول القاهرة التي بدأت في منتصف الثمانينيات وقتها حذر العالم الراحل جمال حمدان من أن تتحول هذه المدن إلي ما أطلقت عليه "منامات" أي أن تكون مكاناً لنوم مواطني القاهرة الكبري بينما تظل أعمالهم في العاصمة يذهبون إليها في النهار للعمل ثم يعودون إلي "مناماتهم" آخر النهار فتتضخم مشكلات العاصمة دون حل مشكلات الأقاليم الأخري خارجها وبدلاً من خلخلة التكدس السكاني في العاصمة ونقله إلي غيره من أقاليم مصر فإننا ضاعفنا مشكلات القاهرة ولم نحل مشكلات الفقر والبطالة خارجها. هكذا أطلق العلم تحذيره وهكذا تفاقمت المشكلات في القاهرة وخارجها بسبب تجاهل العلم واعتماد منطق الفهلوة ولا نريد للمأساة أن تتكرر.
لقطة :
جميل أن ينظم المجلس الأعلي للثقافة ندوة عن شاعر العامية الكبير فؤاد حداد ولكن الأجمل أن يقدر منظموها حجم الإقبال المتوقع من جمهور يعرف قدر فؤاد حداد في الثقافة المصرية والعربية وأن يضعوا في اعتبارهم ان جمهوراً كبيراً سيحضر فيخصصون للحدث قاعة تستوعب محبي هذا الشاعر الكبير الذي يتوق الجمهور إلي استعادة اشعاره دائماً والاستماع إلي شهادات من عاصروه. اما أن يتم تنظيم الندوة كما حدث الأربعاء الماضي ولا يجد الجمهور مكاناً يستوعبه فإنه يدل علي ان التنظيم تم بمنطق موظفين لا مثقفين يدركون قدر فؤاد حداد.