الأهرام
محمد أمين المصرى
كلمات .. حكايات عن المال والسلطة
صور الكاتب القدير فتحى غانم فى رواية «قليل من الحب كثير من العنف» مجتمع الانفتاح فى السبعينيات بكل تناقضاته، فسرد التداخل بين عوالم الإسكندرية والقاهرة، بطل الثغر مهندس ابن ميكانيكى أصبح أغنى رجال المدينة وأكثرهم سطوة ونفوذا لدرجة تغيير مديرى الأمن والمحافظين وشراء ذمم أصحاب المناصب.. والأهم مصاهرة عائلة النائب العام ابن القاهرة بكل عنفوانه وتاريخه المرموق من بكوات وباشوات والحفاظ على التقاليد بكل ما أوتى من قوة وسلطة.

فابن الميكانيكى الذى يريد تسلق السلم الاجتماعى يختار فريسته بنت الذوات ليقترب من النائب العام، وتوافق العائلة رغم الفروق الاجتماعية وتتخلى هنا عن المظاهر. فثمة تناقض شديد فى القيم، فالنائب العام يقبل الزيجة ويستسلم لرغبات محدث النعمة السكندرى عديم اللياقة اجتماعيا والطباع الفجة وطريقة التعامل السوقية. وبينما تتنازل عائلة الحسب والنسب عن تاريخها ومكانتها لتندمج مع عائلة رجل الأعمال الجديد لتستفيد من غناه ومعارفه وسطوته ونفوذه، ترفض الأسرة بشدة زواج ابنها من حبيبته الفقيرة ابنة المنولوجست «الأفيونجي» رغم أن العريس الذى تقدم لابنتهم يتعاطى كل الممنوعات ويرتكب كل موبقات الدنيا. ومع ذلك تقبله العائلة وترفض أن يتزوج ابنهم من بنت الحارة.

عمت الفرحة عائلة النائب العام بتقدم ابن الميكانيكى الغنى لخطبة ابنتهم رغم جلافته وتاريخه الأسود ، فالأسرة افتقدت نعمة غنى المال ولكنها امتلكت السلطة، الجاه، النفوذ، وعندما تقدم لها ابن الميكانيكى الغنى قبلوه بكل عيوبه ونواقصه، فهو يعوضهم فقدانهم للمال لتكتمل قوتهم بـ(المال ــ السلطة ــ الجاه ــ النفوذ).

فى حين شعرت نفس الأسرة بالفضيحة عندما أحب ابنهم بنتا مسكينة واعتبروها «ساقطة لفقرها» ولطمت أمه خديها كما لو كانت ثكلت ابنها الوحيد، واعتقدت أن الدنيا تعاملت معها بكل الشرور وأن الشيطان ــ وليس ربنا ــ هوالذى يدير هذا العالم الشرير الذى خطف ابنها ومنحه للغولة.

كم هى غريبة الحياة، فيموت ابن النائب العام وهو يدافع عن زوجته، ويبقى محدث النعمة الطماع الجلف الانتهازى الأناني، ليمتلك زمام الأمور ويديرها كيفما شاء بكل خسة ونذالة ليوظف النائب العام فى شركاته بعد إحالته للمعاش، والأهم ترك ابنته وتزوج من أخري.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف