الوفد
محمود غلاب
الطريق الوحيد- 150 سنة برلمانًا
نحتفل هذا العام بمرور 150 عامًا على البداية الحقيقية للحياة النيابية فى مصر، فى 25 أكتوبر عام 1866 أسس الخديو إسماعيل مجلس شورى النواب وعين إسماعيل باشا راغب رئيسًا له، وتحددت مدة هذا المجلس بثلاث سنوات، ينعقد خلال كل سنة منها لمدة شهرين، وقد انعقد مجلس شورى النواب فى تسعة أدوار على مدى ثلاث هيئات نيابية، وذلك فى الفترة من 25 نوفمبر 1866 حتى 6 يوليو عام 1879، وكان عدد أعضاء المجلس 76 عضوًا، ينتخبون بواسطة عمد البلاد ومشايخها فى المديريات، إلى جانب الأعيان من القاهرة والإسكندرية ودمياط ويعين الخديو رئيس المجلس ووكيليه ومع مرور الوقت اتسعت صلاحيات المجلس شيئًا فشيئًا مع انتشار أفكار التنوير وظهور الصحف مما عزز المطالبة الشعبية بإنشاء مجلس نيابى له صلاحيات تشريعية ورقابية أوسع، حتى وصلنا إلى مجلس النواب الحالى، وهذه المناسبة تستحق أن يستعد لها مجلس النواب باحتفالية ضخمة فى نهاية دور الانعقاد الحالى، يدعو لها رؤساء البرلمانات العربية والدولية، وممثلون عن الحكومات داخل مجلس النواب، وأدعو الدكتور على عبدالعال والمستشار أحمد سعد الأمين العام للمجلس أن يعدا لهذه الاحتفالية من الآن التى تحتضنها قاعة البرلمان المصرى ويلقى فيها الرئيس السيسى خطابًا فى حضور بعض رؤساء الدول الصديقة، ويتم استثمار هذه المناسبة فى الدعاية لمصر، سياسيًا واقتصاديًا، وستكون فرصة لجذب الاستثمارات والسياحة، عندما يحتفل معنا العالم بمرور قرن ونصف القرن من الزمان على نشأة البرلمان المصرى، مع التذكير بأن الحياة النيابية فى تاريخها الحديث بدأت مع تولى محمد على باشا، وازدهرت فى عهد خلفائه، وكان الحوار والمشورة هما أساس العودة إلى القواعد والأسس الدستورية.
150 سنة برلمانا، ونشأة أقدم حكومة مركزية منظمة عرفها التاريخ مع تعاقب العديد من النظم النيابية تفاوتت سلطتها التشريعية والرقابية من فترة لأخرى تعكس تاريخ وكفاح شعب فى السعى الدءوب من أجل إقامة مجتمع ديمقراطى ينشد العدل والمساواة لأكثر من 180 عامًا من التاريخ البرلمانى إذا رجعنا إلى مجلس المشورة الذى أنشأه محمد على فى عام 1829. وكان هذا المجلس يتكون من 156 عضوًا (57 معينين، 99 منتخبين) وجعل رئاسة هذا المجلس لابنه إبراهيم.. هذا التاريخ يستحق الفخر، ويلقى على أعضاء مجلس النواب مسئولية كبيرة فى الحفاظ عليه، بالأداء الراقى الذى يليق بعظمة البرلمان المصرى الذى سيظل ضاربًا فى جذور التاريخ.
هذا الميراث البرلمانى لا يليق به ما يحدث حاليًا تحت قبة البرلمان من تصرفات غير مسئولة لقلة من النواب أساءت إلى هذا التاريخ الذى جعل مصر تقدم للإنسانية أقدم النظم الإدارية والتشريعية، وتشييد أولى الحضارات الإنسانية العظمى، هذه العظمة لا يليق بها أن يجلس تحت القبة نواب يسعون لتصفية حسابات مع الدولة ويخرقون القواعد التى أرساها البرلمان ووضع قواعدها الشعب فى التعامل مع أعداء الوطن، البرلمان هو برلمان مصر، وليس برلمان حزب أو طائفة، ممكن يختطفه حزب أو تيار، ولكنه فى النهاية يعود إلى مصر، هو برلمان الشعب الذى انتخب نوابه للدفاع عن الوطن، وليس للبحث عن مصالح شخصية مع أعدائه سواء فى الخارج أو فى الداخل، أو تحقيق مكاسب ضيقة من خلال استغلال الحصانة. البرلمان الحالى عليه مسئولية جسيمة فى بناء الدولة المصرية والعبور بها من مرحلة التعثر إلى مرحلة الانطلاق، إذا أحسن النواب أداء الدور المطلوب منهم، ولكن ما نراه تحت القبة وخارجها من بعض النواب يدعو إلى القلق رغم انهم قلة، لا نريد أن تنتشر لتصيب باقى النواب، وهؤلاء القلة يجب أن يتصدى لهم المجلس بالوسائل العقابية التى حددتها اللائحة، كما يتصدى لهم الناخبون الذين جاءوا بهم إلى مقاعدهم، هناك محاسبة شعبية يجب أن تنعقد للنواب الذين اساءوا إلى ثوابت المجتمع المصرى، جريا وراء مصالحهم، وتخلوا عن واجباتهم الدستورية التى تحتم عليهم تغليب صالح هذا الوطن، هناك مشوهون لا يجب أن تكون لهم ولاية على الشعب لأنهم ناقصو أهلية يحاولون جر البرلمان إلى الهاوية.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف