الوفد
عباس الطرابيلى
هموم مصرية -حكاية.. قمحة!!
هل تعرف من اكتشف حبات القمح.. ومن اكتشف وصنع منها طعام الإنسان. أم أن الحيوان، هو صاحب هذا الاكتشاف العظيم في تاريخ البشرية ـ كما كان الحيوان هو صاحب معظم الاكتشافات الغذائية..
والقمح يأكله الغني قبل الفقير، الأبيض والأسود والأسمر.. وعلي كل لون يا باتستة!! وهناك شعوب تصنع 40 نوعاً من خبز القمح. بإضافة ما يريدون من أعشاب، ومن مكسبات طعم. وبسبب هذا القمح ـ أي الطعام ـ واجه العالم الكثير من الغزوات الكبري ـ مغول وتتار عندما اكتسحوا حقول القمح من وسط آسيا إلي غربها، طلبا للطعام. كما عرف العالم هجرات شهيرة أثرت في تاريخ البشرية، ربما أشهرها هجرة أهل اليمن بعد أن انهار سد مأرب وماتت الأرض.. ولم يجدوا طعاماً.. فهجروا بلادهم..
<< والقمح هو أكثر المحاصيل الغذائية في العالم وهو يتبع الفصيلة النجيلية لأنه ينتمي إلي مجموعة الغلال مثل الأرز والذرة والشعير والشوفان والدخن المشهور في السودان وأفريقيا.. وهو أكبر مساحة من أي محصول آخر. والدول الرئيسية المنتجة للقمح في العالم هي كندا والصين وفرنسا والهند وروسيا وأمريكا وأوكرانيا.
ويعتقد العلماء أن النباتات البرية مثل القمح نشأت أولاً في الشرق الأوسط وهي من النباتات ثنائية الحبة. ومن المحتمل أن الناس جمعوا الحبوب ومضغوها وبمضي الوقت تعلموا تحميصها علي النار وجرشها وغليها لعمل العصيدة يعني زي البليلة وينتج عن غلي أو قلي هذه العصيدة خبز مفرود يشبه الفطائر المحلاة.. ويحتمل أن يكون الناس قد اكتشفوا كيفية عمل الخبز المخمر، بعد أن اختلطت بعض العصيدة.. بالخميرة!
<< ويعتقد العلماء أن القمح من أوائل النباتات التي زرعت. ويعتقد أن المزارعين زرعوا القمح ـ لأول مرة ـ منذ حوالي 11 ألف عام. إذ وجدوا في الشرق الأوسط بقايا حبوب قمح يرجع زمنها إلي حوالي 9000 قبل الميلاد عند موقع قرية جارما قرب مدينة دمشق.. وأدت زراعة القمح وغيره، إلي التحويل الدائم بحثاً عن الغذاء. وأصبحت الفلاحة مصدراً للغذاء.. ومكنت الناس من انشاء مستوطنات دائمة.. ونشأت المدن والدول نفسها..
وانتشرت زراعة القمح في آسيا وأوروبا وشمال أفريقيا منذ عام 4000 قبل الميلاد وتطورت وظهرت أنواع عديدة من القمح. أبرزها القمح ثنائي الحبة والقمح الصلب بعد القمح العادي من القرن السادس الميلادي.. ودخل القمح الأمريكتين بواسطة المستوطنين، وأولهم المستكشف كريستوفر كولمبوس بالذات إلي جزر الهند الغربية، ثم إلي المكسيك عام 1519 والفرنسيون نقلوه إلي كندا عام 1605.
<< وربما يلجأ البعض إلي طلب «جنين القمح» كعلاج ومقو عام ومزيد للمناعة وهي الحبة السحرية.. وغير الكبسولة المعروفة باسم «الفياجرا» ولكن الإنسان عاد إلي ما كان يأكله ـ عند اكتشافه القمح ـ أي تناوله بقشرته.. أي دون نزع القشر التي هي «الردة» أو رجيع الكون. ويراها البعض أفضل من المادة البيضاءـ داخل القمحة ـ وإذا كانت بعض الشعوب تفضل الخبز الأبيض مثل خبز الباجو الفرنسي الشهير.. والألماني لا يقل عنه شهرة.. ونقله عنهم الأتراك.. ثم صنع الشوام الخبز الشامي، أو اللبناني، ولكن المصريين يعشقون الخبز الأسمر.. يعني من الحبة الكاملة.. لأن الردة هي سليولوز مع بروتين.. بينما معظم ما بداخل الحبة مواد نشوية..
ولهذا ينصح الأطباء الناس بتناول الخبز الأسمر «أبو ردة» وهو أفضل كثيراً من الشامي الذي عرفته مصر في السنوات الأخيرة.. ولكن كل المصريين يعشقون كل ما يأتي من «القمحة».. وهم يطلقون علي الخبز البلدي الأسود اسم «العيش». والعيش هي الحياة.. شوفوا إزاي؟!
وكذلك يعشق الأغنياء «ورقة اللحمة» مع الخبز البلدي إياه.. وكذلك رغيف الحواوشي الشهير، بالعيش الأسمر.
<< وياسلام علي «البليلة» بالحليب وشوية جوز هند وزبيب بناتي وإذا لم يتيسر ذلك فإن شوية فول سوداني تقوم بالمهمة..
ثم هل نسينا طبق عاشوراء الشهير الذي توزعه سيداتنا علي الجيران.
أنا نفسي مازلت أتذكر حجر «الرحاية» الذي كانت جدتي تستخدمه لطحن القمح وجرشه وغيرهما من الحبوب.. وتذكرت مطبقية البليلة التي قدمها لي المستشفي ـ عدة أيام ـ بالحليب وأنا راقد في المستشفي بعد عملية جراحية عاجلة.. ولكن بدون سكر أو جوز هند وغاب عنها الزبيب!!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف