أحمد السرساوى
نوبة صحيان - قصة أول مهاجر مصري الي روسيا !!
أول مصري هاجر الي روسيا كان من 170 سنة وكانت وراءه حكاية طريفة!!
هو شيخ أزهري اسمه محمد عياد الطنطاوي..عندما تولي التدريس بالأزهر عام 1835، اكتسب شهرة واسعة كعالم دين تميز بسعة الأفق ومرونة التفكير.. فسعي إليه عدد من الأوروبيين المقيمين في مصر ليعلمهم اللغة العربية، خاصة أن مشروعات محمد علي باشا الاقتصادية الناجحة جذبت كثيرا من الأجانب الي مصر ممن تفتحت أمامهم فرص الثراء.
كان من بين هؤلاء ثلاثة طلاب سرعان ما تحولوا الي مُريدين للشيخ رغم اقترابهم من سنه، فبادلهم بدوره التقدير والمودة، الأمر الذي حول علاقة الأستاذ بطلابه الي صداقة حقيقية.. كان أولهم فرنسيا يدعي فريستنيل وكان دبلوماسيا والثاني انجليزيا اسمه لين يعمل مؤلفا وأديبا، أما الثالث فكان روسيا لقبه موخين وعمل كمترجم في القنصلية الروسية بالقاهرة.
بعدها بنحو 4 سنوات .. في أوائل عام 1839 طلب وزير الخارجية الروسي من القنصلية الروسية في مصر ترشيح أستاذ للغة العربية والشريعة الإسلامية للتدريس بقسم اللغات الشرقية بمقر الوزارة في روسيا. ومن المؤكد أن الدعوة كانت من نصيب الشيخ عياد الطنطاوي فقبلها بشرط موافقة والي مصر محمد علي باشا. ثم غادر مصر متوجهاً إلي روسيا في ربيع 1840، وكان السفر عن طريق النيل إلي الإسكندرية، ومن هناك ركب الباخرة، وقد وصل إلي أوديسا علي ساحل البحر الأسود، ومن هناك غادر إلي كييف، ثم واصل رحلته بعد ذلك ليصل إلي سانت بطرسبورج منتصف العام ليبدأ مشوار هجرته واقامته الكاملة في روسيا بدلا من السفر في مهمة مؤقتة والعودة سريعا الي مصر كما كان مُخططا. و ربما كونه أعذب هوالذي شجعه علي قرار الهجرة الدائمة، اضافة الي طيب الحياة في روسيا وقتها والترحاب والطيبة التي وجدها من أهلها.. فأقبل علي عمله الجديد بشغف كبير وظل يعمل في تدريس اللغة العربية اضافة الي الترجمة من وإلي ست لغات هي الروسية والفرنسية والتركية والتاتارية والفارسية بجانب العربية لمدة 15 عاماً كاملة، لم يغادر روسيا خلالها إلا مرة واحدة عام 1844، لم يتزوج خلالها أيضا رغم ثراء حياته الخاصة وتفاعله مع المجتمع الروسي بكل فئاته وطوائفه وطبقاته.
والسبب في أنني أحكي قصة هذا المهاجر الرائد هي الاحتفالية التي سيقيمها عالم مصري معاصر مرموق في مجال الطاقة الشمسية عاش في روسيا لسنوات وتتبع حياة الشيخ فيها، وهو الدكتور حسين الشافعي مستشار وكالة الفضاء الروسية ورئيس المؤسسة المصرية الروسية للثقافة والعلوم في قرية نجريد بمحافظة الغربية مسقط رأس الشيخ يوم 25 مارس القادم، وليت الأزهر ووزارة الثقافة يشاركونه في الاحتفال بهذا الرائد الكبير الذي نسيناه رغم دوره الريادي المهم !!