تذهب إلى الصيدلية، تسأل عن الدواء، يُخبرك الصيدلى بأنه غير موجود، لكن البديل متاح.. تاخد بديل؟؟. على الأرجح لا توافق، ثم تذهب إلى صيدليات أخرى، بحثاً عن هذا البديل.. لكن الأكيد أنك لن تتوقف، لشتيمة الشركة المنتجة للدواء الأصلى الذى لم يعد متوافراً، لتكمل الشتيمة، والمرض.. لا يحدث ذلك عند مرض الناس فقط، لكن من المفترض أن يحدث عند مرض الدول.. بالراحة خالص.. ودون حساسية من فضلك، أنت مش ناقص، ولا إحنا!! ما البديل الذى أوجدته ثورة 25 يناير؟؟
الإجابة الحقيقية بعيداً عن أى أبعاد رومانسية هى «لا شىء»، كنا مستعدين للثورة، ولسنا مستعدين لتبعاتها، كنا مستعدين لتغيير النظام، لكن نظاماً آخر حلمنا به لم يكن موجوداً، وهذا هو جوهر الموضوع: النظام الحلم.. ولأن البلاد لا تُدار بالأحلام، ولأن السياسة لا تعرف المثالية التى تعامل بها الجميع فى الميدان يوم أكدوا أنها ثورة بلا قائد، ويوم رفضوا دخول الانتخابات، تضامناً مع ما حدث فى «محمد محمود»، فقد تحول الأمر إلى كابوس.. بالراحة خالص.. لن أفرض عليك طرحاً، لكن هذا رأيى الذى يحتمل الصواب والخطأ.. رأيى أنه يجب عليك أن تكف عن (الشتيمة) و(الصراخ) و(الولولة)، وتصنع بديلك.. رأيى أنه يجب أن تتوقف عن (حدف الطوب) لتقدم بديلاً تنموياً يساعدك على البناء.. هذا البناء لا يحتاجه البلد فقط.. لا.. أنت أيضاً تحتاجه، فجسور الثقة بينك وبين (الناس) غير موجودة أصلاً، كما أنك لا تمتلك لهم البديل.. أنت تكره (السيسى)، خلاص مفهوم، لكن لماذا تكره بلدك؟؟، ولماذا تحول كرهك لـ(السيسى) إلى طاقة غضب للعن كل شىء؟؟ سؤالى لسعادتك: لو قامت ثورة الآن على (السيسى) نفسه، فماذا ستستفيد، ومن سيأتى بعده، أم أنك لا تتعلم من دروس الماضى؟؟ (السيسى) يحظى بقاعدة (حقيقية) تعتمد على (الناس) الذين تتعالى عليهم، وأنت حوّلت كُرهك إلى محاولات إسقاط نظامه لكنك لم تقدم أى بديل، وهذا يعيدنا إلى الموضوع نفسه: ما البديل؟؟
بالراحة خالص.. أنا لم أطلب منك أن تكف عن نقدك، ومعارضتك، بل أطلب منك أن تكف عن رومانسية الفعل وجهلك بحماقة رد الفعل.. انتقد كما تريد، عارض كما تريد، اكره (السيسى) كما تريد، لكن بالمناسبة: أنت لا شىء.. وستظل لا شىء إلى أن تجد البديل الذى يرضى به (الناس)، وليس (شلتك)، أم أنك تريد تشكيل (مجلس رئاسى مدنى).. أنا سمعت النكتة دى فين قبل كده؟؟ بالراحة خالص.. هل لك ظهير؟؟ أى ظهير؟؟ شعبى أو سياسى أو أى شىء؟؟ أنت حتى تُبدد طاقتك فى انتقاد أى محاولات لإيجاد هذا الظهير.. أنت تخون من يحاول أن يُجرّب (السياسة)، بديلاً عن الثورة التى أصبحت بالنسبة لك (شهوة)، وغاية أكثر منها وسيلة، ثم إنك تطالب الكل بأن يحذوا حذوك، فإن لم أشتم مثلما تشتم، وإن لم أعارض مثلما تعارض، وإن لم أخُن غيرى مثلما تخون، أصبح بائعاً للقضية ومنافق وصنيعة الأجهزة الأمنية، فماذا تفعل أنت فى المقابل؟؟ عزيزى أى حد.. وفر جهدك لهدم كل شىء، لإصلاح كل شىء.. والإصلاح يبدأ بوجود بديل، يجب أن تجتهد لتصنعه، وتحشد الناس حوله، ولا تجبرهم عليه، باعتباره المنقذ والمخلص، فالناس زهقت، وأنت لم تعد تدرك خطورة ما تفعل فى حق بلدك قبل أن يكون فى حق نفسك. حاول أن تحاور وتفكر دون تخوين أو قلة أدب أو افتراض أن صكوك الوطنية تُباع فى (الكشك) بتاعك على السوشيال ميديا، ثم حين نسألك عن البديل لا ترد. هناك شريحة مخلصة تحاول أن تعمل لبناء حقيقى، تهده أنت عليهم وعلى الجميع، وبدلاً من تركهم يعملون، تشتمهم أنت ورفاقك العاملون فى دكاكين قطر وتركيا ولندن، وبدلاً من أن تحترم هؤلاء الباقين فيها بحلوها ومرها، تمشى، دون أن تدرى، وراء من لن يعودوا ثانية بعد أن ذاقوا حلاوة العيش خارج بلد يسبونه ويلعنونه كل يوم لمجرد أن نظامه السياسى لا يعجبهم.
أخيراً.. لا يعنى عدم وجود بديل، الاستسلام لأى سوء أحوال، أو إخفاق فى الأداء، وإنما يعنى أن نمشى فى مسارين: تقويم من أجل الإصلاح.. وصناعة بديل محترم.
فهل نستطيع؟؟