انقسمت الآراء بشأن دعوة الرئيس المصريين للتبرع لمصر، بأن يُصبّح 10 ملايين منهم كل يوم على مصر بجنيه من خلال مكالمة محمول. البعض تحمّس للدعوة ونظر إليها كمساهمة إيجابية من جانب المواطن فى إقالة العثرة الاقتصادية التى وقعت فيها، وآخرون اتخذوها مادة للسخرية، وألفوا حولها النكات والقفشات، واعتبروها مناسبة جيدة للضحك، انطلاقاً من أن أغلب المواطنين المدعوين لـ«التصبيح على مصر» يعانون بالأصالة، ويحتاجون إلى من يُصبّح ويُمسّى عليهم.
كلا الفريقين له حجته، ولديه أسبابه، سواء للتعامل الجاد مع الدعوة، أو التعامل الساخر. وظنى أن كل الدعوات الشبيهة التى طُرحت خلال السنوات الماضية كانت تُقابل بردود فعل منقسمة أيضاً.
عام 1985، خطب الرئيس المخلوع «مبارك» خطاباً طرح فيه مشروعاً أطلق عليه «الصحوة الكبرى»، كان الهدف منه إنعاش الاقتصاد المصرى، عبر جمع تبرّعات لسداد ديون مصر. وقتها احتشدت كل مؤسسات الدولة لجمع تبرّعات المصريين طوعاً وكرهاً، إذ كان البعض يتبرّع بمطلق حريته، سواء كان مدفوعاً بالحماس للفكرة أو بمنافقة صاحبها، والبعض كان يدفع وهو مُكره، خصوصاً موظفى الدولة الذين قرر رؤساء المؤسسات التى يعملون بها التبرّع بجزء من مرتب العاملين لديهم -برضاهم أو غصباً عنهم- لسداد الديون.
وقتها التقط الكاتب الساخر المرحوم «يوسف عوف» فكرة وسط زحام الصخب والجدل الدائر حول التبرّع لسداد ديون مصر، وجعلها مادة لحلقة من برنامجه الإذاعى الشهير «عجبى»، كان عنوانها «ديونك يا مصر»، وتحكى قصة مواطن قرر هو وزوجته المساهمة فى سداد ديون مصر، بدفع 2000 جنيه، وبعد مواقف طريفة عانى فيها الأمرين حتى يصل إلى جهة يدفع لها تبرّعه، قرر أن مشكلة مصر تتجاوز حكاية الديون تلك، وأن سداد الديون الحالية لن يعفينا بحال من الحصول على ديون جديدة، طالما بقيت سلوكيات «الإنفاق السفيه»، فقرر هو وزوجته تكوين جمعية لمحاربة هذا النوع من الإنفاق، أطلقوا عليها «جمعية ربط الأحزمة».
بدأ «حسونة» -حسن عابدين- بطل الحلقة يراقب حالات الإنفاق السفيه وإضاعة المال العام فى كل اتجاه، فرصد إنارة أعمدة الشوارع نهاراً، وذهب ليتحدّث إلى المسئولين، فلم «يبل ريقه أحد»، وفوجئ فى نهاية الشهر بفاتورة كهرباء ملهلبة، أخذ يصرخ منها. رصد أيضاً استخفاف سائقى الأوتوبيسات باستهلاك البنزين فى الإشارات فطلب من سائق الأوتوبيس أن يوقف دوران المحرك فى الإشارة، فطلب منه السائق أن يقابله ليلاً ليريه عشرات الأوتوبيسات الواقفة بسبب العطب الذى أصاب بطارياتها، وعجز الشركة عن تغييرها، وتحريك الأوتوبيسات لخدمة الناس، بسبب انتهاء العمر الافتراضى للبطارية، سمع مرة عن إلقاء أطنان من لبن الأطفال فى الترع، فطلب من زوجته أن تُحضر له عدة أجولة من «التمر هندى»، وعندما سألته عن السبب، أجابها حتى تتحول الترعة إلى: «سمك لبن.. تمر هندى»!. طالب بإيقاف إعلانات التهانى للمحافظين الجُدد، فقرأ فى اليوم التالى إعلانات على صفحتين تُحيى الوزير المحافظ على التزامه بقراره عدم نشر إعلانات التهانى. لف على المسئولين الذين يعتمدون على البذخ فى الإنفاق، وفى تفويج الوفود الرسمية إلى الخارج، دون أن يستجيب له أحد.. وتنتهى الحلقة بدعوة «حسونة» أعضاء جمعية «ربط الأحزمة»، وطلب منهم ربط الحزام أسفل الوسط، مثلما فعل، ثم قال لهم: «دلوقتى بقى.. ها»!