الوفد
عباس الطرابيلى
هموم مصرية -زبادى بالردة.. والملك الشهيد!
المصريون، فى مقدمة الشعوب «الأرزية» أى التى تعتمد على الأرز فى طعامها.. وفى المقدمة الشعب اليابانى الذى صنع من الأرز كل ما يؤكل وما يشرب.. أقصد الساكى اليابانى، وهى الخمر اليابانية الشعبية هناك.
ولكن الشعب المصرى ـ رغم عشقه لما يملأ البطن ويشبع الجوعى وهو الأرز.. إلا أنه أيضًا من الشعوب «الخبزية». ولكن بداية المصرى مع الخبز كانت مع خبز الذرة.. وكان الرغيف الشمسى من الذرة هو السائد فى كل صعيد مصر وله طعم مميز،وطريقة صنع خاصة.. ومازال الرغيف البتاو الذى تدخل الحلبة فى صناعته بجانب الذرة مع قليل من دقيق القمح، مازال هذا الرغيف موجودًا.. ويعشقه كل من عرفه، أو استحسن مذاقه.. ومازلت أتذكر أن بحارة السفن ـ الشراعية القديمة ـ الذين يتاجرون مع فلسطين ولبنان وسوريا وقبرص وتركيا واليونان كانوا يصحبون معهم فى رحلاتهم الطويلة ـ فى المسافة والزمن ـ نوعًا من الخبز.. كانت تبرع فى صنعه الست الدمياطية، عندما كان ميناء دمياط من أهم موانى مصر مع شرق آسيا وجنوب غربها.. وكان هذا الخبز الجاف يتحمل طول هذه الرحلة ذهابًا ودعوة.. دون أن يصيبه التلف.. ومازال طعمه باقيًا فى فمى، حتى الآن، رغم مرور 80 عامًا على ذلك!!
<< وعرف المصرى ـ منذ القدم ـ الذرة الشامية والذرة الصفراء ونوعًا آخر من الذرة يسمى «الدخن» وهو مشهور فى جنوب مصر والنوبة وأيضًا السودان، وكذلك دول عديدة فى افريقيا.. جنوب الصحراء.. وفى مصر عرفنا الذرة، قبل القمح، لأننا على حواف حزام القمح العالمى وفى المنطقة اشهر زارعى القمح هم أبناء إقليم الهلال الخصيب فى العراق وسوريا.
والذرة غنية بالمواد النشوية، بالذات الشامية والصفراء.. وإذا كنا نأكل الذرة الشامية ـ بأنواعها ـ إلا أن شعوبًا أخرى تقدم الذرة الصفراء علفًا للحيوانات والطيور.
<< وعرف المصريون عملية خلط القمح بالذرة لانتاج رغيف مخلط رخيص بسبب انخفاض سعر الذرة.. وهو ما حاول المرحوم الدكتور أحمد جويلى عندما كان وزيرًا للتموين، لتخفيف عبء الدعم الذى تدفعه الدولة لاستيراد القمح.. وللعلم فإن انتاج رغيف 20٪ منه من الذرة يعنى حوالى مليونى طن سنويًا.. ولكن سلوكيات المصرى «الحديث» تغيرت إذ أخذ يجرى وراء الرغيف الشامى أو اللبنانى.. متجاهلاً الفوائد الكبرى للرغيف الأسمر المصرى الشهير.. ولا ننسى هنا فوائد رجيع الكون، أى الردة وهى القشرة الخارجية لحبة القمح. وقد شاهدت الملك الشهيد فيصل ـ وقد دعانا إلى طعام فى قصره عام 1975 ـ وأمامنا كل «المحمر والمشمر» وكل أنواع اللحوم ـ حتى البعير الصغير ـ رأيته يخرج علبة معدنية صغيرة يفرغ ما بها من «ردة» على مطبقية بها قليل من الزبادى.. وتركنا ننعم بكل ما لذ وطاب.. والمؤكد أنه ـ أيضًا ـ كان ينعم بعشائه من الزبادى بهذه الردة.. وسبحان الله.
<< والذرة تحتل المركز الثالث عالميًا بعد الأرز والقمح ومن حيث حجم الانتاج العالمى كذلك.. كما أن الذرة من أهم مصادر زيت الطعام وتتنافس مع زيت الصويا.. وعرفت مصر زيت بذرة القطن وكان هو الأكثر استخدامًا فى مصر.. عندما كانت مصر تزرع قطنًا!!
وتناولت ـ طبعًا ـ الخبز البدوى الشهير، فى سيوة غربًا.. وسيناء شرقًا ويا سلام على صنعه على «الصاجة» واكلت طبعًا الخبز الإيرانى، المصنوع فى أفران خاصة يبنونها من الطوب. وكذلك نوعًا من الخبز السعودى، منذ سنوات.
<< والخبز حسب درجة تقدم الشعب، فإذا كان المصرى يخلط دقيق القمح بالذرة.. والحلبة.. فإن الألمان هم أصحاب السبق فى تقديم خبز يضيفون إليه كثيرًا من الأعشاب ومكسبات الطعم الطبيعية، وهناك من يعشق خبزا يصنع من كامل القمح ـ بعد جرشه.. وليس طحنة تمامًا ـ وهم يؤمنون بضرورة العودة للطبيعة.. فلماذا لا نأكل الخبز الأسمر ويا سلام على وصفة الملك فيصل «الزبادى.. بالردة».
<< طبعًا.. هذا هو الخبز.. ولكن ماذا عن «الإدام» أى الغموس سواء كان من الزيت أو من غيره.. لهواة الأكل وعشاق العودة إلى الطبيعة.. ابقوا معنا!!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف