المساء
مؤمن الهباء
شهادة- القلق واجب وطني
ربما كان مقصوداً ألا يفتح ملف سد النهضة فِي اللقاءات الرسمية التي عقدت بين مصر والسودان وإثيوبيا علي هامش منتدي أفريقيا 2016 بشرم الشيخ.. وأن يكون تناول الموضوع في إطار استراتيجية أوسع لتوثيق العلاقات بين مصر ودول أفريقيا.. وخاصة دول حوض النيل.
وقد صرح سامح شكري وزير الخارجية في لقاء تليفزيوني من شرم الشيخ بأن المحادثات الثلاثية التي عقدت علي هامش المنتدي لم تتطرق إلي أزمة سد النهضة.. فهذه الأزمة لها مساراتها ومفاوضاتها.. والحكومة غير قلقة في هذا الشأن.
وكان من الطبيعي أن عدم قلق الحكومة ينعكس علينا فلا نقلق نحن أيضاً.. لكن الذي حدث هو أن عدم قلق الحكومة أقلقنا أكثر وأكثر.. وكل ما نرجوه أن تنتقل حالة عدم القلق إلي عموم المصريين.. وأن تشرح الحكومة أسباب حالة الاطمئنان التي تعيشها ليشاركها تلك الحالة 90 مليون مصري من حقهم أن يقلقوا حتي يروا ما يطمئنهم هم أيضاً علي أن حصة مصر من مياه النيل لن تمس.. وأن حقوقها التاريخية في هذا الصدد سوف يتم احترامها ولن تكون مهددة.
الحقيقة أن القلق يسيطر علينا تماماً لأننا نري حكومتنا غير قلقة رغم كل الإشارات المقلقة التي تأتينا من الأطراف الأخري.. والتي نبحث لها عن تفسيرات أو ردود توضحها فلا نجد.. وقد كان آخر وأصعب هذه الإشارات توجيه إثيوبيا الشكر لكل من السعودية والإمارات وإسرائيل لمشاركتها في تمويل سد النهضة.. وقد أثار هذا الخبر الفضاء الإليكتروني وعلق عليه الآلاف.. ومع ذلك لم تتحرك حكومتنا لتقصي حقيقة الأمر.. ولتقول لنا مدي صدق الخبر.. فربما يكون مدسوساً ومختلقاً للوقيعة مع أشقائنا في السعودية والإمارات.. وقد يكون حقيقة.. المهم ألا نخلد إلي الراحة والإطمئنان بينما كل شئ حولنا يدعونا إلي القلق.
إثيوبيا تعطينا من طرف اللسان حلاوة.. ودائماً تكتفي بعبارة فضفاضة تؤكد فيها أنها لن تقبل الضرر لمصر.. وأنها ملتزمة بالبيان الرئاسي الثلاثي وبوثيقة الخرطوم وبالاستمرار في مفاوضات المسار الفني.. لكنها في ذات الوقت ترفض التوقيع علي أي التزام محدد لعدم المساس بحصة مصر المائية أو تغيير المواصفات الفنية للسد إذا أثر علي هذه الحصة. وتمضي في عمليات الإنشاء علي قدم وساق.. تسابق الزمن لكي يكتمل إنجازها التاريخي.. بينما تتعمد المماطلة والتسويف في المسار التفاوضي حتي تضعنا في النهاية أمام الأمر الواقع.
ألم تقرأ الحكومة التصريحات الإثيوبية الأخيرة التي تعلن فيها بكل وضوح أن بنود البيان الرئاسي غير ملزمة.. وأنها ماضية في إنشاء السد وسوف يبدأ تشغيله العام القادم ـ 2017 ـ حسب الخطة المحددة؟!
أما الشركة الإيطالية المسئولة عن بناء السد "شركة ساليني أمير يج يرو" فقد ذكرت أنها ماضية في بناء السد.. وأن موعد الانتهاء من بنائه سيكون في غضون ستة أشهر.. وأن التعديلات التي طلبتها بشأن تخصيص فتحتين للطوارئ في جسم السد يستحيل تنفيذها.. وأن التصميم الحالي هو النهائي للسد.. ولن يتم إجراء أية تعديلات عليه.
والسؤال: إذا كان الأمر علي هذا النحو. وبهذا الحسم. فما فائدة المفاوضات والبحث عن شركات عالمية لدراسة المواصفات والتعديلات والوفود التي تذهب وتعود؟!.. ألا يدفعنا ذلك كله إلي القلق.. خصوصاً أن حكومتنا لم تقلق؟!
نعرف أن القضية شائكة.. والتحديات كبيرة.. لكن ليس أمامنا خيار آخر.. خيارنا الوحيد ألا تمس حصتنا المائية.. ومن أجل ذلك يجب أن تقلق حكومتنا ولا تغفل ليل نهار.. ويجب أن نقلق جميعاً ونعيش هذا القلق إلي أن نصل إلي بر الأمان.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف