توقع المراقبون والمعنيون بالشأن العام ان المسئولية التي سيتحملها أي رئيس جمهورية في أعقاب سقوط نظامين فاشلين متعاقبين ستكون مهمته عسيرة جدا إن لم تكن شبه مستحيلة وإذا كان حجم الصعوبات هو الذي يكشف معادن الرجال وصلابتهم فإن المهام الصعبة والتحديات الكبري هي قدر القادة والزعماء التاريخيين لشعوبهم.
ومما لاشك ان الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية التي تعاني منها مصر تحتاج إلي علاج عاجل يتسم بالبساطة ويأتي من خارج الصندوق بالتوازي مع العلاج طويل المدي ويعمل في شتي الاتجاهات ومختلف القضايا وهذا العلاج العاجل يمكن استخلاصه من القاعدة الرئيسية التي تقوم علي المشاركة الشعبية وغلق محابس الفساد والمشاكل المتراكمة من المنبع بدلا من الدوران حول تلك المشاكل المستعصية وتلك الإجراءات هي في الواقع إجراءات غير مكلفة أي انها لن تكلف مؤسسة الرئاسة ولا الحكومة المصرية ولا الميزانية المرهقة جنيها واحدا.
وتلك الإجراءات نوجزها في ثلاث خطوات محددة: أولها أن يصدر السيد رئيس الجمهورية قانونا يجرم الفساد ويضرب بيد من حديد علي مرتكبي هذه الجريمة المؤسسة لانهيار الدول وأن يطال العقاب كل المشاركين فيها أياً كانت مواقعهم والمؤسسات التي يعملون بها والخطوة الثانية: أن يصدر السيد رئيس الجمهورية قانونا آخر يلغي جميع الامتيازات التي تستخدم في تعيين أبناء العاملين في مؤسسات الدولة أو المصالح الحكومية سواء باللوائح أو الأمر المباشر وأن يكون قانون إلغاء الامتيازات محققاً لنص المادة التاسعة من الدستور حيث يشمل إلغاء الامتيازات سلك القضاء والشرطة والجامعات والبترول والكهرباء وغيرها من المؤسسات ذات النفوذ والمال والخطوة الثالثة: عملية تحفيزية حيث يقوم السيد رئيس الجمهورية بتوظيف شعبيته الجارفة واحترام الناس وتقديرهم لدوره الوطني في حث جموع الشعب المصري علي احترام قيم العمل والوقت والدقة والجدية وأن يقدم الرئيس القدوة العملية لجميع فئات الشعب بتخصيص يوم اسبوعيا للنزول إلي مواقع الانتاج المختارة بعناية ودقة ليشارك الرئيس هؤلاء العمال في عملية الإنتاج من أجل تعزيز القيم السالفة الذكر.
لتكن زيارة الرئيس في ضوء تنوع مواقع الإنتاج مع التركيز علي الصناعات الاستراتيجية مع توفير الحماية الأمنية الكافية له في تلك المواقع قبل وأثناء الزيارة المفاجئة.. وكل مرة يكون في قلعة من القلاع الصناعية أو في مصنع من مصانع النسيج ومرة أخري في مجمع السكر مثلا ومرة ثالثة في مصنع للحديد والصلب أو الصناعات الثقيلة وقد تمتد الزيارات لموقع من مواقع خدمة المواطنين في المحافظات والوحدات المحلية والمستشفيات وشركات المياه والصرف الصحي وشركات انتاج الكهرباء والطاقة.. إلخ.
إن تنفيذ هذه الروشتة ممثلة في الخطوات الثلاث سالفة الذكر سوف يعمل من وجهة نظر الكاتب علي بناء قيم التقدم وبناء مؤسسات الدولة علي أساس الثقة المتبادلة وطهارة اليد والكفاءة والخبرة وتشعر المواطن البسيط بنسمات الأمل وإمكانية تحقيق العدالة الاجتماعية وحرص القيادة السياسية علي الوفاء بما وعدت به للشعب عبر برنامج واضح يحترم مبدأ تكافؤ الفرص ومحاربة الوساطة والمحسوبية.. هذه الروشتة سوف تعمل علي حسن توظيف طاقات المجتمع وترسخ الانتماء للوطن باعتباره قيمة عليا كما انها تعزز قيمة الوقت والإنتاج والإحساس بالمسئولية والمراقبة الذاتية وإعمال مبدأ الثواب والعقاب.
هذه الروشتة المقترحة هي إحدي الروافع الدافعة للانطلاق نحو المستقبل وليس لدي أدني شك في قدرتنا علي تحقيق المستحيل إذا صدقت النوايا وبدأنا بالخطوة الأولي وعلي الله قصد السبيل.