تابعت منذ عدة أيام الاستطلاع السنوي لشركة ميرسر الدولية المتخصصة في مجال استشارات الموارد البشرية عن افضل الدول في العالم من حيث جودة الحياة والمعايير لهذا الاستطلاع هي الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي والخدمات المقدمة للمواطنين ويغطي هذا الاستفتاء 230 مدينة حول العالم وجاءت فيينا في مقدمة الدول وبعدها زيورخ السويسرية واحتلت معظم الدول الاوروبية مقدمة القائمة فيما حلت دبي في المرتبة الاولي علي مستوي الشرق الاوسط في المرتبة ال75 عالميا تليها ابوظبي في المرتبة 81 ثم مسقط في المرتبة 107 وتونس في المرتبة 113 وما صدمني احتلال بغداد المركز الاخير.. بغداد التي كانت عاصمة الثقافة والعلوم والاداب جاءت في ذيل القائمة وهو ما يؤكد ان الدول العربية تعاني في الفترة الحالية من مشاكل حقيقية تهدد وجودها.
ولاشك ان هذا الاستطلاع يدق الرءوس بعنف اين نحن من هؤلاء؟ فالعالم العربي يتعرض لأعنف الازمات والمشاكل في حين يواصل الغرب قفزاته نحو المستقبل.. ليبيا تعاني الانقسام واليمن في تشتت وسوريا في وضع كارثي.. فهل ما يجري في كل هذه البلدان صدفة؟ بالطبع لا ولكنها تشير إلي أن هناك عملا دءوبا لتفتيت هذه المنطقة حتي لا تنعم بثرواتها وما يدمي القلوب ان الجميع يري هذه الحقائق علي أرض الواقع لكن بكل اسف لا نري عملا يحقق ما نتطلع اليه من مستقبل يرقي بنا الي درجة السعادة التي وصلت اليها أوروبا.
كل ذلك يتطلب يقظة دائمة وعملا لا يعرف التواكل أو الكسل خاصة أننا نري الخطر يقترب ولكن البعض يتهكم ويسخر ويرفض ان يتعاون بالرغم من كل ما نشاهده من عنف وتشرذم وصراعات وكما قال رئيس الجمهورية في اخر حديث له ان العمل هو الطريق الوحيد للخروج من هذه الازمات وتلك المشاكل التي تهدد مستقبل الجميع والعمل ووحدة الصف هما طوق النجاة والبوابة الرئيسية للوصول الي السعادة التي تنعم بها اوروبا ولا بديل عن التخلي عن الانانية والمصالح الشخصية التي أدت الي هذا التخلف والتدهور الذي نعيشه.
عالمنا العربي غني بالثروات الطبيعية وبالعلماء في شتي المجالات لكننا للاسف لا نعرف طريق التوحد ورغم ان الضمير العربي ينادينا كي نتحرك ونلتفت الي اقامة مشروعات وبناء الامة علي اساس ينطلق بنا نحو تحقيق الآمال والأمنيات ونتطلع في ذات الوقت الي دور فاعل للجامعة العربية فهي بلا شك تلعب دورا في جمع الكلمة وتوحيد الصف ورأب الصدع الذي اصاب امتنا بصورة مخيفة ومما يوضح دور الجامعة ما رأيناه خلال اجتماع البرلمان العربي الاخير فقد انطلقت كلمات الاعضاء نحو الاهداف التي أشرنا اليها وتأكد امام الجميع انه لا سبيل الا بالعمل الجماعي واستعادة المكانة لهذه الامة التي عانت طويلا من الركود والتدهور.. فهل نستجيب لنداء يوقظنا جميعا كي نستطيع تعويض ما فاتنا وبناء حضارتنا التي يتهددها الاخرون؟ اعتقد انه آن الأوان لننقذ عالمنا العربي ونخلق السعادة في النفوس ونوفر جودة معيشية لمواطنينا فلسنا اقل من أوروبا وباقي دول العالم.. ان الوصول الي السعادة لا يتم ونحن كسالي انما لابد من بذل الجهد والعرق والابتعاد عن كل ما يثير الخلاف والشقاق خاصة في عصر التواصل الاجتماعي المليء بالكثير من الوسائل التي تدمر الوحدة وتهدد كياننا.. ليتنا نستيقظ من سباتنا العميق ونطرق أبواب السعادة بعقل وقلب مفتوح.