الوفد
محمود غلاب
الطريق الوحيد -البرنامج والموازنة
الإحساس نعمة، والوقت من ذهب إن لم تقطعه قطعك، وواضح أن الحكومة ومجلس النواب فقدا الإحساس بالوقت، وصدق الذى قال إن يوم الحكومة بسنة، وهذا يترجم فرق السرعات بين أداء الرئيس السيسى الذى ينطلق بسرعة الصاروخ وأداء الحكومة الذى يسير كالسلحفاة العرجاء، وغطى عليه أداء مجلس النواب الذى تفرغ نوابه لتصفية الحسابات بينهم، واستهلكوا حوالى شهرين من عمر الدورة البرلمانية دون أن يباشروا رسميًا دورهم فى الرقابة والتشريع، واضح أن البرلمان فى حالة ارتباك، والحكومة أيضًا، الأول يتصارع نوابه على الحقوق التى ستمنحها لهم اللائحة مثل البدلات والسفر والحصانة والتمثيل فى مكاتب اللجان، وهذا الصراع افسح الجلسات لمناقشة مواد اللائحة الداخلية التى بسببها تأجل برنامج الحكومة، لحين استكمال المجلس هيئة لجانه، وائتلافاته، ووجدتها الحكومة فرصة لالتقاط أنفاسها، بعض الوزراء المرشحين للخروج، والوزراء الذين سيستمرون أصبح لديهم الوقت لترتيب الملفات المطلوبة منهم، ورئيس الوزراء أصبح لديه الوقت للبحث عن مصطلحات جديدة يواجه بها الشعب بدلاً من القرارات المؤلمة والإجراءات الصعبة التى وعده بها، وتمت ترجمتها على أنها مقدمة لرفع أسعار السلع والخدمات، وهو ما رفضه الشعب، وانحاز إليه النواب مما عجل برحيل الحكومة.
واضح من حالة الارتباك المسيطرة على السلطتين التنفيذية والتشريعية أن رئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب لم يقرآ الدستور خاصة فى المادة 146 المتعلقة ببرنامج الحكومة التى يجب أن تحصل على الثقة بعد شهر من إلقائه والمادة 124 من الدستور أيضًا التى تلزم الحكومة بعرض مشروع الموازنة على مجلس النواب قبل تسعين يومًا على الأقل من بدء السنة المالية الجديدة، وآخر موعد طبقًا للدستور لعرض الموازنة سيكون 29 مارس القادم، وبما أن الحكومة لم تحدد موعد إلقاء برنامجها أمام مجلس النواب فإنها ستكون فى موقف أكثر ارتباكًا، لو بدأ شهر مارس دون أن يتحدد بشكل نهائى موعد إلقاء البرنامج، لأنه سيكون أمام الحكومة مع مرور أيام شهر مارس إلقاء البرنامج وعرض الموازنة أيضًا، وهذا سيحمل مجلس النواب أعباء ضخمة، ويربك لجانه، فهل ستناقش اللجان برنامج الحكومة لمنحها الثقة فى الوقت المحدد بثلاثين يومًا، أم ستناقش مشروع الموازنة لاقراره قبل بدء السنة المالية فى أول يوليو القادم.
المأزق الذى يواجه الحكومة ومجلس النواب حله فى أن تلقى الحكومة برنامجها فى الأسبوع الأول من مارس على الأقل، أقصى تقدير يوم 10 مارس وليس فى أبريل كما كان يتردد، لافساح الوقت أمام عرض مشروع الموازنة.
والسؤال الذى يترتب على هذا الارتباك هو هل الحكومة الحالية هى التى ستتقدم بالبرنامج والموازنة أيضًا أم أن هناك تعديلاً وزاريًا سيتم قبل إلقاء البرنامج.
مشروع الموازنة فى الدستور الحالى فى حاجة إلى جهد مشترك من الحكومة ومجلس النواب لأن الدستور منح المجلس حق تعديل النفقات الواردة فى مشروع الموازنة عدا التى ترد تنفيذًا لالتزام محدد على الدولة مثل فوائد الديون، كما أوجب الدستور على مجلس النواب الاتفاق مع الحكومة على تدبير مصادر للإيرادات تحقق إعادة التوازن بين الايرادات والنفقات، كما يجوز تعديل قوانين مالية لتحقيق التوازن المطلوب، وحظر الدستور تضمين قانون الموازنة نصًا يكون من شأنه تحميل المواطنين أعباء جديدة.
هل يتفق مجلس النواب خلال جلساته الحالية مع الحكومة على موعد محدد لعرض برنامجها، هل التأخير مقصود لإرباك المجلس، هل النواب يفضلون مصالحهم فى اللائحة على الصالح العام وهو التعامل مع حكومة منتخبة وإقرار موازنة، مدروسة. هل يقرأ النواب والوزراء الدستور حتى يتأكدوا أن الطرفين لا يملكان رفاهية تضييع الوقت، هل النواب مقتنعون بهذا الأداء السيىء وكذلك الوزراء، هل يتبادل المهندس شريف إسماعيل والدكتور على عبدالعال الاتصالات لحل هذه المشكلة، هل المهندس شريف هو الذى سيعرض برنامج الحكومة هل يوجد تنسيق بين المجلس والمستشار مجدى العجاتى وزير الشئون القانونية ومجلس النواب حول موعد برنامج الحكومة!
نحن البلد الوحيد الذى يعتبر الوقت من تراب، بل التراب أغلى بكثير.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف