إنشاء مؤسسة مصرية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة لها صلاحيات مثل التي تم إعطاؤها لهيئة تنمية قناة السويس
العشوائية والشو الإعلامي، يدمر أي اقتصاد، وأي فكرة أو مبادرة جيدة، لهذا يجب أن تكون هناك منظومة متكاملة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، حتي تكلل مبادرة البنك المركزي بالنجاح، ولا تتحمل البنوك والمركزي مسئولية النهوض بهذا القطاع وحدها، وإنما تحتاج إلي جهد منظم، وأب شرعي يحاسب علي الإخفاق، ويكرم عند النجاح، ويجمع أطراف المنظومة تحت مظلة واحدة، يعالج السلبيات، ويقوي الايجابيات، يعدل البيئة التشريعية، ويعطي مرونة مع المشاكل التي تحدث في المستقبل، وغير ذلك فلن تكون هناك نهضة لهذا القطاع.
البنوك كانت لها تجربة لهذا القطاع منذ عام 2008، أي أثناء الأزمة المالية، وقامت بإعفاء تمويلات القطاع من نسبة الاحتياطي الالزامي بالبنك المركزي – كانت نسبته 14% من إجمالي الودائع المحلية يوضع بدون فائدة في البنك المركزي - ولكن لم تأت بثمارها بسبب الظروف الخارجية، والبيئة المحيطة بهذه المنظومة، وصدرت مبادرة جديدة نهاية العام الماضي، وصفت بأنها اتجاه سليم، وتدعو للتفاؤل لماذا؟
لأن هناك رغبة سياسية من الرئيس عبدالفتاح السيسي، فقد جاءت المبادرة بناء علي خطابه بتمويل الشباب بفائدة مناسبة، وقام المركزي بوضع تعريف لهذه النوعية من المؤسسات حتي لا تتداخل وتتشتت جهود البنوك، والأهم هو إلزام البنوك بنسبة 20% من محافظها الائتمانية لضخها في هذا القطاع خلال أربع سنوات ما وضع برنامج عمل للبنوك، وإلزامها بإدارات متخصصة، وتدريب الموارد البشرية، ويبقي الأخطر لنجاح البنوك في النهوض بالمؤسسات الصغيرة، هو خلق جيل جديد من شباب الأعمال قادر علي قيادة مؤسسته نحو النجاح والعالمية، ويأتي ذلك بالآتي:
استقلالية تامة عن جميع دواوين الحكومة، وأجهزتها المختلفة، تعالج مشكلة التراخيص، وتعقد الإجراءات وتقسيم الأراضي، وغيرها من المعوقات التي تناولها ملف «بنوك الوفد»، ويأتي ذلك بقانون ينظم عمل المؤسسة، وتقوم المؤسسة بإنشاء شركة قابضة برأسمال مشترك مع البنوك، لإنشاء مناطق في كل مدن مصر، تستفيد من المميزات النسبية لهذه المدن، وتجهز البنية التحتية، وتدعو الشباب لدخول هذه المناطق، برأسمال ذاتي ما بين 10 و40% علي حسب نوع المشروع، وتتم مساعدته من بداية الطريقة إلي تسويق المنتج، وربطه باحتياجات الشركات الكبري التي تحتاجها بدلاً من استيرادها من الخارج، واستيراد التكنولوجيا من الخارج، وتدريبه خارجياً وداخلياً إذا تطلب الأمر ذلك، ويكون المشروع هو الضمان بعيداً عن السجون والإجراءات البنكية، وتكون هناك سهولة في الخروج في حالة التعثر، ونقل المشروع إلي مستثمر جديد، وربط هذه المناطق المنتشرة في كل مدن مصر، باحتياجات مصر التنموية، واحتياجاتها الاستيرادية، ومراقبة منظومة المواصفات القياسية وغيرها من الأمور الفنية، واللوجستية.
بدون ذلك ستظل العشوائية منتشرة في مصر، ولن يساهم القطاع بالكيفية والتوقعات المرتقبة منه، وسنظل نروي قصص نجاح، وأرقاماً ضخمة، في التمويل، والنمو، وتأسيس الشركات دون أن يكون لها أثر حقيقي علي النمو الاقتصادي، وتشغيل العمالة ومحاربة الفقر، وخلق أجيال جديدة من رجال الأعمال تصعد بالتدريج إلي سلم الشركات الكبري، هذه المنطقة التي ظلت محتكرة علي شريحة صغيرة مقربة من النظام السياسي وتستفيد منه، وتقتل أي محاولة لصعود فئات جديدة، وهو ما وصفه صندوق النقد الدولي برأسمالية المقربين، أو محسوبية كبار الشركات.
نحن في حاجة إلي قرار رئيس الجمهورية ينظم هذه المنظومة المشتتة، والمعوقة لأي تقدم ونهوض بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة.