الوفد
علاء عريبى
رؤى أهو كلام عن التطبيع
آخر مرة ناقشنا فيها شعار لا للتطبيع مع الكيان الصهيوني، كان منذ عامين عندما قام وفد من نقابة الصحفيين بزيارة القدس المحتلة، ويومها ثار البعض، وأحيلت الواقعة للتحقيق، والطريف أن أخوتنا الناصريين أصدروا فتوى تفطس من الضحك، قالوا: طالما أنهم لم يحصلوا على تأشيرة الكيان الصهيونى فهم أبرياء من التطبيع، قيل لهم: كيف والقدس تحت الاحتلال، وزيارتهم تمت بحماية قوات الأمن الصهيونى؟، قالوا: العبرة بالتأشيرة، وكانت هذه الواقعة مسار سخرية من الزملاء الناصريين، قيل: يا جماعة الخير هذا تأويل خصصتم أنفسكم فقط به، فقد سبق واتهمتم الكتاب والصحفيين الذين زاروا إسرائيل بدون تأشيرة بالعمالة والخيانة، تمسكوا بالتأشيرة، قبل هذه الزيارة كان د. على جمعة المفتى السابق قد قام بزيارة القدس المحتلة عن طريق المملكة الأردنية الهاشمية، وقام الناصريون ولم يقعدوا، ورفعوا راية العمالة والخيانة، قال لهم: لم أحصل على تأشيرة، تجاهلوا كلامه وأصدروا بيانات الإدانة، نفس الشيء تم مع البابا تواضروس عندما سافر للصلاة على الأنبا إبرام مطران الكرسى الأورشليمى.
الحقيقة أن قرار حظر التطبيع فى مجمله حماسى ويحتاج إلى إعادة نظر، ومشكلة القرار ليست فى تعريفه تهمة التطبيع، بل فى الشرط الذي وضعته لانتفاء هذه الجريمة، وهو: «تحرير(جميع) الأراضي المحتلة»، ونظن أن هذا الشرط أصبح من الصعب تحقيقه اليوم أو بعد عشرات السنين، لماذا؟، لأن سورية لم تفكر ولم تحاول منذ حرب أكتوبر وحتى اليوم أن تحرر الجولان، كما أنها دخلت منذ سنوات فى دوامة الحرب الأهلية ويعلم الله متى تتعافى منها، إضافة إلى احتلال حماس لقطاع غزة منذ عشر سنوات، واختفاء أية فرص لرأب الصدع والوقوف فى صف واحد، ناهيك عن حالة لبنان واليمن والعراق والسعودية، إضافة إلى انتشار القواعد العسكرية الأمريكية بالمنطقة.
الوضع العربى الكئيب والعاجز يدفعنا لطرح بعض علامات الاستفهام: هل استحالة قيام الدول العربية المحتلة بتحرير أراضيها فى المستقبل القريب والبعيد قد يدفعنا لإيجاد صيغ نقيم خلالها علاقات بمنأى عن اتهامات التطبيع؟، ماذا لو توصل الفلسطينيون إلى اتفاقية سلام سمحت بإقامة دولة على ما تبقى تحت أيديهم؟، ماذا لو نفذت حماس فكرة اقامة دولة حمساوية فى غزة؟، هل سنفكر ساعتها في إعادة صياغة قرار التطبيع دون انتظار لعودة الجولان أو توقيع عقد يعد بعودتها على مراحل؟، ماذا لو وقع النظام السوري القادم اتفاقية مع الكيان الإسرائيلي حول 70% من الجولان؟، ماذا لو تركت إسرائيل بمزاجها بدون اتفاقيات جزءاً كبيراً من الجولان وأقامت سوراً يفصلها عن غزة والضفة؟، هل ساعتها سنسمح بزيارة إسرائيل؟، وماذا لو رفضت إسرائيل فكرة التطبيع مع العرب؟، ماذا لو منعت دخول العرب إلى أراضيها؟، ماذا لو رفضت إقامة علاقات اقتصادية وثقافية وسياسية مع الدول العربية؟.
السؤال الأكثر تعقيدا: هل سلاح حظر التطبيع له فاعلية؟، هل إسرائيل تنشغل بفتح علاقات مع النخب والمثقفين والإعلاميين المصريين والعرب؟، هل إسرائيل منشغلة بتوطيد علاقاتها مع الصحفيين والكتاب والسياسيين الناصريين؟، ما هو عدد الناصريين فى مصر؟، وهل الناصريون يمثلون الشعب المصرى؟، وهل هذه الشريحة هى التى ستقرر للمصريين؟.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف